Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
الثَّانِي: أَنَّ الْبَاغِيَ آكِلُ الْمَيْتَةِ فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَالْعَادِي آكِلُهَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ قَتَادَةُ، وَالْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ.
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَادِيَ بَاغٍ، فَلَمَّا أَفْرَدَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالذِّكْرِ تَعَيَّنَ لَهُ مَعْنًى غَيْرُ مَعْنَى الْآخَرِ، لِئَلَّا يَكُونَ تَكْرَارًا يَخْرُجُ عَنْ الْفَصَاحَةِ الْوَاجِبَةِ لِلْقُرْآنِ. وَالْأَصَحُّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنَّ مَعْنَاهُ غَيْرُ طَالِبٍ شَرًّا، وَلَا مُتَجَاوِزٍ حَدًّا، فَأَمَّا قَوْلُهُ: " غَيْرُ طَالِبٍ شَرًّا " فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ كُلُّ خَارِجٍ عَلَى الْإِمَامِ، وَقَاطِعٍ لِلطَّرِيقِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ. وَأَمَّا " غَيْرُ مُتَجَاوِزٍ حَدًّا " فَمَعْنَاهُ غَيْرُ مُتَجَاوِزٍ حَدَّ الضَّرُورَةِ إلَى حَدِّ الِاخْتِيَارِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الشِّبَعِ، كَمَا قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ، وَلَكِنْ مَعَ النُّدُورِ لَا مَعَ التَّمَادِي؛ «فَإِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَصْحَابَهُ قَدْ أَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا مِمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّهُ مَيْتَةٌ حَتَّى أَخْبَرَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ بِأَنَّهُ حَلَالٌ»؛ لَكِنَّ وَجْهَ الْحُجَّةِ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِحَالِهِمْ جَوَّزَ لَهُمْ أَكْلَهُمْ شِبَعًا وَتَضَلُّعًا مَعَ اعْتِقَادِهِمْ لِضَرُورَتِهِمْ.
[مَسْأَلَةُ رُخَص السَّفَرِ لِلْعَاصِيَّ بِسَفَرِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَا يَسْتَبِيحُ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ رُخَصَ السَّفَرِ؛ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُبَاحُ لَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَلِكَ عَوْنًا، وَالْعَاصِي لَا يَحِلُّ أَنْ يُعَانَ، فَإِنْ أَرَادَ الْأَكْلَ فَلْيَتُبْ وَيَأْكُلْ، وَعَجَبًا مِمَّنْ يُبِيحُ ذَلِكَ لَهُ مَعَ التَّمَادِي عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يَقُولُهُ؛ فَإِنْ قَالَهُ أَحَدٌ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا.
[مَسْأَلَةُ وَجَدَ الْمُضْطَرُّ الْمُحْرِم مَيْتَةً وَدَمًا وَلَحْمَ خِنْزِيرٍ وَخَمْرًا وَصَيْدًا]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً وَدَمًا وَلَحْمَ خِنْزِيرٍ وَخَمْرًا وَصَيْدًا حَرَمِيًّا أَوْ صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَهَذِهِ صُورَتَانِ:
1 / 85