28

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

الثَّالِثِ: أَنَّهُ حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ. الرَّابِعِ: أَنَّهُ أَكَلَ مُتَأَوِّلًا؛ لِرَغْبَةِ الْخُلْدِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْوِيلُ مَا يَعُودُ عَلَى الْمُتَأَوِّلِ بِالْإِسْقَاطِ. الْخَامِسِ: أَنَّهُ أَكَلَ نَاسِيًا. فَأَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ أَكَلَهَا سَكْرَانَ: فَتَعَلَّقَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ فِي أَنَّ أَفْعَالَ السَّكْرَانِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأَحْكَامِ وَالْعُقُوبَاتِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي فِعْلٍ؛ بَلْ يَلْزَمُهُ حُكْمُ كُلِّ فِعْلٍ، كَمَا يَلْزَمُ الصَّاحِي، كَمَا أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ حُكْمَ الْخِلَافِ فِي الْمَعْصِيَةِ مَعَ السُّكْرِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي أَفْعَالِ السَّكْرَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ. الثَّانِي: أَنَّهَا لَغْوٌ. الثَّالِثِ: أَنَّ الْعُقُودَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَالنِّكَاحِ، وَأَنَّ الْحِلَّ مُعْتَبَرٌ كَالطَّلَاقِ، وَلِذَا إذَا أَكَلَ مِنْ جِنْسِهَا فَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ فَأَكَلَ مِنْ جِنْسِهِ حَنِثَ. وَتَحْقِيقُ الْمَذَاهِبِ فِيهِ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: لَا حِنْثَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: إنْ اقْتَضَى بِسَاطُ الْيَمِينِ تَعْيِينَ الْمُشَارِ إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ جِنْسِهِ، وَإِنْ اقْتَضَى بِسَاطُ الْيَمِينِ أَوْ سَبَبُهَا أَوْ نِيَّتُهَا الْجِنْسَ حُمِلَ عَلَيْهِ، وَحَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ قِصَّةُ آدَمَ؛ فَإِنَّهُ نُهِيَ عَنْ شَجَرَةٍ عُيِّنَتْ لَهُ، وَأُرِيدَ بِهِ جِنْسُهَا، فَحَمَلَ الْقَوْلَ عَلَى اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي فَرْعٍ مِنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَأَكَلَ خُبْزًا مِنْهَا عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَ فِي الْكِتَابِ: إنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تُؤْكَلُ.

1 / 30