Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٦]: يَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذَنْبٌ، وَهُوَ الْإِضْرَارُ بِالْمَرْأَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَلِأَجَلِ هَذَا قُلْنَا: إنَّ الْمُضَارَّةَ دُونَ يَمِينٍ تُوجِبُ مِنْ الْحُكْمِ مَا يُوجِبُ الْيَمِينُ إلَّا فِي أَحْكَامِ الْمَرْأَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة السَّادِسَة وَالسِّتُّونَ قَوْله تَعَالَى وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ]
ٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٨] هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَشْكَلِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْأَحْكَامِ، تَرَدَّدَ فِيهَا عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ، وَاخْتَلَفَ فِيهَا الصَّحَابَةُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَلَوْ شَاءَ رَبُّك لَبَيَّنَ طَرِيقَهَا وَأَوْضَحَ تَحْقِيقَهَا، وَلَكِنَّهُ وَكَّلَ دَرْكَ الْبَيَانِ إلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ لِيَظْهَرَ فَضْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي الدَّرَجَاتِ الْمَوْعُودِ بِالرَّفْعِ فِيهَا؛ وَقَدْ أَطَالَ الْخَلْقُ فِيهَا النَّفْسَ، فَمَا اسْتَضَاءُوا بِقَبَسٍ، وَلَا حَلُّوا عُقْدَةَ الْجَلْسِ؛ وَالضَّابِطُ لِأَطْرَافِهَا يَنْحَصِرُ فِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يَنْظِمُهَا ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: كَلِمَةُ الْقُرْءِ كَلِمَةٌ مُحْتَمِلَةٌ لِلطُّهْرِ وَالْحَيْضِ احْتِمَالًا وَاحِدًا، وَبِهِ تَشَاغَلَ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ فُقَهَاءٍ وَلُغَوِيِّينَ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ؛ وَأُوصِيكُمْ أَلَّا تَشْتَغِلُوا الْآنَ بِذَلِكَ لِوُجُوهٍ؛ أَقْرَبُهَا أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الْوَقْتُ، يَكْفِيك هَذَا فَيْصَلًا بَيْنَ الْمُتَشَعِّبِينَ وَحَسْمًا لِدَاءِ الْمُخْتَلِفِينَ؛ فَإِذَا أَرَحْت نَفْسَك مِنْ هَذَا وَقُلْت: الْمَعْنَى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ أَوْقَاتٍ، صَارَتْ الْآيَةُ مُفَسَّرَةً فِي الْعَدَدِ مُحْتَمِلَةٌ فِي الْمَعْدُودِ، فَوَجَبَ طَلَبُ بَيَانِ الْمَعْدُودِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَدْ اخْتَلَفْنَا فِيهَا؛ وَلَنَا أَدِلَّةٌ وَلَهُمْ
1 / 250