Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَأَثَّمُوا فِي الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَّجِرُوا فِيهَا، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨] يَعْنِي: فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ لِلْحَاجِّ مَعَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ، وَأَنَّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ شِرْكًا، وَلَا يَخْرُجُ بِهِ الْمُكَلَّفُ عَنْ رَسْمِ الْإِخْلَاصِ الْمُفْتَرَضِ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْفُقَرَاءِ أَنَّ الْحَجَّ دُونَ تِجَارَةٍ أَفْضَلُ أَجْرًا.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ [البقرة: ١٩٨]: الْإِفَاضَةُ: السُّرْعَةُ بِالدَّفْعِ، هَذَا أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هَاهُنَا دَفْعٌ، وَهِيَ حَقِيقَةُ الْإِفَاضَةِ، وَالْإِسْرَاعُ هَيْئَةٌ فِي الْإِفَاضَةِ لَا حَقِيقَةَ لَهَا، ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ «كَانَ إذَا دَفَعَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ».
وَرُوِيَ «عَنْهُ ﵇ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ فَسَمِعَ وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِبْضَاعِ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ».
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى مِنْ عَرَفَاتٍ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿مِنْ عَرَفَاتٍ﴾ [البقرة: ١٩٨]: مَوْضِعٌ مَعْلُومُ الْحُدُودِ، مَشْهُورٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ النَّبِيّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْحَجُّ عَرَفَةَ ثَلَاثًا، مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَدْرَكَ». وَرَوَيَا وَمَعَهُمَا أَبُو دَاوُد أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ مُضَرِّسٍ الطَّائِيَّ قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ
1 / 192