130

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

لِشُغْلٍ جَازَ، وَإِنْ تَرَكَهُ قَصْدًا لِمُوَالَاةِ الصِّيَامِ قُرْبَةً اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ؛ فَمِمَّنْ رَآهُ جَائِزًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَ يَصُومُ الْأُسْبُوعَ وَيُفْطِرُ عَلَى الصَّبْرِ، وَرَآهُ الْأَكْثَرُ حَرَامًا لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ وَالتَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِهِ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ ضَعْفُ الْقُوَى وَإِنْهَاكُ الْأَبْدَانِ. وَرَوَى الْأَئِمَّةُ، «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّك تُوَاصِلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي. فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا وَيَوْمًا، ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ، فَقَالَ: لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ»، كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، وَإِنَّمَا كَانَ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَقْبَلُوهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا فَعَلُوهُ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تُوَاصِلُوا؛ فَأَيُّكُمْ أَرَادَ الْوِصَالَ فَلْيُوَاصِلْ، حَتَّى السَّحَرِ»، وَهَذِهِ إبَاحَةٌ لِتَأْخِيرِ الْفِطْرِ، وَمَنْعٌ مِنْ إيصَالِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ. [مَسْأَلَةٌ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧]:

1 / 132