Aḥkām al-Qurʾān
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
الساحر والمعزم لو قدرا على ما أدعيا مِنْ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَدَّعُونَ وَأَمْكَنَهُمَا الطَّيَرَانُ وَالْعِلْمُ بِالْغُيُوبِ وَأَخْبَارِ الْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ وَالْخَبِيئَاتِ وَالسُّرُقِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ مِنْ غَيْرِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَقَدَرُوا عَلَى إزَالَةِ الْمَمَالِكِ وَاسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ وَالْغَلَبَةِ عَلَى الْبُلْدَانِ بِقَتْلِ الْمُلُوكِ بِحَيْثُ لَا يَبْدَأهُمْ مَكْرُوهٌ وَلَمَا مَسَّهُمْ السُّوءُ وَلَا امْتَنَعُوا عَمَّنْ قَصَدَهُمْ بِمَكْرُوهٍ وَلَاسْتَغْنَوْا عَنْ الطَّلَبِ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَكَانَ الْمُدَّعُونَ لِذَلِكَ أَسْوَأَ النَّاسِ حَالًا وَأَكْثَرَهُمْ طَمَعًا وَاحْتِيَالًا وَتَوَصُّلًا لِأَخْذِ دَرَاهِمِ النَّاسِ وَأَظْهَرَهُمْ فَقْرًا وَإِمْلَاقًا عَلِمْت أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ على شيء من ذلك ورؤساء الحشو وَالْجُهَّالُ مِنْ الْعَامَّةِ مِنْ أَسْرَعِ النَّاسِ إلَى التَّصْدِيقِ بِدَعَاوَى السَّحَرَةِ وَالْمُعَزِّمِينَ وَأَشَدِّهِمْ نَكِيرًا عَلَى مَنْ جَحَدَهَا وَيَرْوُونَ فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا مُفْتَعَلَةً مُتَخَرِّصَةً يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهَا كَالْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوُونَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ إنِّي سَاحِرَةٌ فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ فَقَالَتْ وَمَا سِحْرُك قَالَتْ سِرْت إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ بِبَابِلَ لِطَلَبِ عِلْمِ السِّحْرِ فَقَالَا لِي يَا أَمَةَ اللَّهِ لَا تَخْتَارِي عَذَابَ الْآخِرَةِ بِأَمْرِ الدُّنْيَا فَأَبَيْت فَقَالَا لِي اذْهَبِي فَبُولِي عَلَى ذَلِكَ الرَّمَادِ فَذَهَبْت لِأَبُولَ عَلَيْهِ فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْت لَا فَعَلْت وَجِئْت إلَيْهِمَا فَقُلْت قَدْ فَعَلْت فَقَالَا مَا رَأَيْت فَقُلْت مَا رَأَيْت شيئا فقالا ما فعلت اذْهَبِي فَبُولِي عَلَيْهِ فَذَهَبْت وَفَعَلْت فَرَأَيْت كَأَنَّ فَارِسًا قَدْ خَرَجَ مِنْ فَرْجِي مُقَنَّعًا بِالْحَدِيدِ حَتَّى صَعِدَ إلَى السَّمَاءِ فَجِئْتهمَا فَأَخْبَرْتهمَا فَقَالَا ذَلِكَ إيمَانُك خَرَجَ عَنْك وَقَدْ أَحْسَنْت السِّحْرَ فَقُلْت وَمَا هُوَ فَقَالَا لَا تُرِيدِينَ شَيْئًا فتصورينه وَهْمِك إلَّا كَانَ فَصَوَّرْت فِي نَفْسِي حَبًّا مِنْ حِنْطَةٍ فَإِذَا أَنَا بِالْحَبِّ فَقُلْت لَهُ انْزَرِعْ فَانْزَرَعَ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ سُنْبِلَا فَقُلْت لَهُ انْطَحَنَ وَانْخَبِزْ إلَى آخَرِ الْأَمْرِ حَتَّى صَارَ خُبْزًا وَإِنِّي كُنْت لَا أُصَوِّرُ فِي نَفْسِي شَيْئًا إلَّا كَانَ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ لَيْسَتْ لَك تَوْبَةٌ فَيَرْوِي الْقُصَّاصُ وَالْمُحَدِّثُونَ الْجُهَّالُ مِثْلَ هَذَا لِلْعَامَّةِ فَتُصَدِّقُهُ وَتَسْتَعِيدُهُ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يُحَدِّثَهَا بِحَدِيثِ سَاحِرَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَيَقُولُ لَهَا إنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ أَخَذَ سَاحِرَةً فَأَقَرَّتْ لَهُ بِالسِّحْرِ فَدَعَا الْفُقَهَاءَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ حُكْمِهَا فَقَالُوا الْقَتْلُ فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ لَسْت أَقْتُلُهَا إلَّا تغريقا قال فأخذ رحى البزر فَشَدَّهَا فِي رِجْلِهَا وَقَذَفَهَا فِي الْفُرَاتِ فَقَامَتْ فَوْقَ الْمَاءِ مَعَ الْحَجَرِ فَجَعَلَتْ تَنْحَدِرُ مَعَ الماء فخافوا أن نفوتهم فَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مَنْ يُمْسِكُهَا وَلَهُ كَذَا وَكَذَا فَرَغِبَ رَجُلٌ مِنْ السَّحَرَةِ كَانَ حَاضِرًا فِيمَا بِذَلَهُ فَقَالَ
أَعْطَوْنِي قَدَحَ زُجَاجٍ فِيهِ ماء فجاؤه بِهِ فَقَعَدَ عَلَى الْقَدَحِ وَمَضَى إلَى الْحَجَرِ فشق الحجر
1 / 59