Aḥkām al-Qurʾān
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
غَيْرُ مَفْرُوضٍ فَإِنَّ تَرْكَهُ لَا يُوجِبُ نَقْصًا فِي الْحَجِّ وَلَيْسَ لِلْوُقُوفِ ذِكْرٌ فِي الْآيَةِ فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الذِّكْرِ هُوَ فِعْلُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ هُنَاكَ وَأَمَّا
حَدِيثُ مُطْرَفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَاهُ خَمْسَةٌ مِنْ الرُّوَاةِ غَيْرُ مُطْرَفٍ مِنْهُمْ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ وَسَيَّارُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ ذكروا فيه أنه قَالَ (مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَوَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ وَأَفَاضَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ عَرَفَةَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ)
وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَنَّهُ قَالَ فَلَا حَجَّ لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ اتَّفَقُوا أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ هُنَاكَ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَقَدْ ذَكَرَهَا النَّبِيُّ ﷺ فَكَذَلِكَ الْوُقُوفُ وَقَوْلُهُ فَلَا حَجَّ لَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ نَفْيَ الْفَضْلِ لَا نفى الأصل كَمَا
قَالَ ﷺ (لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ)
وَكَمَا
رَوَى عُمَرُ مَنْ قَدَّمَ نَفْلَهُ فَلَا حَجَّ لَهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ الدِّيلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فَإِنَّهُ
قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ بُكَيْر بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الدِّيلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَقَالَ فِيهِ (مَنْ وَقَفَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ)
فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فِي شَرْطِ إدْرَاكِ الْحَجِّ وَأَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى مَنْ أَدْرَكَ جَمْعًا قَبْلَ الصُّبْحِ وَهْمٌ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ وَهْمًا وَقَدْ نَقَلَتْ الْأُمَّةُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وُقُوفَهُ بِهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا بِالْوُقُوفِ بِهَا لَيْلًا وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ عَارَضَتْهُ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي رُوِيَتْ مِنْ قَوْلِهِ مَنْ صَلَّى مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ ثُمَّ وَقَفَ مَعَنَا هَذَا الْمَوْقِفَ وَسَائِرُ أَخْبَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمُرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَة فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَمَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَذَلِكَ يَنْفِي رِوَايَةَ مَنْ شَرَطَ مَعَهُ الْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَأَظُنُّ الْأَصَمَّ وَابْنَ عُلَيَّةَ الْقَائِلَيْنِ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ وَاحْتَجُّوا فِيهِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْحَجِّ وُقُوفَانِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى فَرْضِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فَرْضًا لِأَنَّ اللَّهَ ﷿ ذَكَرَهُمَا فِي الْقُرْآنِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَانَا فَرْضَيْنِ في الصلاة فقال لَهُ أَمَّا قَوْلُكَ إنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مَذْكُورَيْنِ فِي الْقُرْآن كَانَا فَرْضَيْنِ فَإِنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَذْكُورٍ فِي الْقُرْآنِ فَرْضًا وَهَذَا خُلْفٌ مِنْ الْقَوْلِ وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ الْوُقُوفَ وَإِنَّمَا قال [فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ] وَالذِّكْرُ لَيْسَ بِمَفْرُوضٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْوُقُوفُ فَرْضًا فَالِاحْتِجَاجُ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَاقِطٌ فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَهُ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ
1 / 392