Aḥkām al-Qurʾān
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا زَالَتْ اسْتِحَاضَتُهَا وَهِيَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ دُخُولِهَا فِيهَا فِي اسْتِوَاءِ حُكْمِ الْحَالَيْنِ فِي بَابِ الْمَنْعِ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ الطَّهَارَةِ لَهَا وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا كَانَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ وَطَلَّقَهَا كَانَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْأَمَةِ فَإِنْ عَتَقَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ هُنَاكَ شَيْءٌ يَجِبُ بِهِ عِدَّةٌ كَمَا حَدَثَ الْمَوْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ وَيَلْزَمُهُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَنْتَقِلَ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ إذَا حَاضَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ وَهُوَ وُجُودُ الْحَيْضِ كما لا يجب بالعتق كَمَا اقْتَضَاهُ اعْتِلَالُهُ قَوْله تَعَالَى [وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ] رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إنْ شَاءَ صَامَهُنَّ بِمَكَّةَ وَإِنْ شَاءَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ قَالَ إنْ شَاءَ صَامَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ شَاءَ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ بن عُمَرَ وَالشَّعْبِيُّ يَصُومُهُنَّ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وقوله تعالى [إِذا رَجَعْتُمْ] مُحْتَمِلٌ لِلرُّجُوعِ مِنْ مِنًى وَلِلرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ فَهُوَ عَلَى أَوَّلِ الرُّجُوعَيْنِ وَهُوَ الرُّجُوعُ مِنْ مِنًى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ حَظَرَ صِيَامَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَبَاحَ السَّبْعَةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْوَقْتَ الَّذِي أَبَاحَ فِيهِ الصَّوْمَ بَعْدَ حَظْرِهِ وَهُوَ انْقِضَاءُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قوله تعالى [تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ قِيلَ فِيهِ وُجُوهٌ مِنْهَا أَنَّهَا كَامِلَةٌ فِي قِيَامِهَا مُقَامَ الْهَدْيِ فِيمَا يُسْتَحَقُّ مِنْ الثَّوَابِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ قَامَتْ مُقَامَ الْهَدْيِ فِي بَابِ جَوَازِ الْإِحْلَالِ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ صِيَامِ السَّبْعَةِ فَكَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ قَدْ قَامَتْ مُقَامَ الْهَدْيِ فِي بَابِ اسْتِكْمَالِ الثَّوَابِ فَأَعْلَمَنَا اللَّهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ بِكَمَالِهَا هِيَ الْقَائِمَةُ مُقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ ثَوَابِهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَعَلَّقَ بِالثَّلَاثَةِ فِي جَوَازِ الْإِحْلَالِ بِهَا وَفِي ذَلِكَ أَعْظَمُ الْفَوَائِدِ فِي الْحَثِّ عَلَى فِعْلِ السَّبْعَةِ وَالْأَمْرُ بِتَعْجِيلِهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ لِاسْتِكْمَالِ ثَوَابِ الْهَدْيِ وَقِيلَ فِيهِ إنَّهُ أَزَالَ احْتِمَالَ التَّخْيِيرِ وَأَنْ تَكُونَ الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ إذْ كَانَتْ الْوَاوُ قَدْ تَكُونُ فِي مَعْنَى أَوْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَأَزَالَ هَذَا الِاحْتِمَالَ بقوله [تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ] وَقِيلَ الْمَعْنَى تَأْكِيدُهُ فِي نَفْسِ الْمُخَاطَبِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى انْقِطَاعِ التَّفْصِيلِ فِي الْعَدَدِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ «١»:
ثَلَاثٌ وَاثْنَتَيْنِ فَهُنَّ خَمْسٌ ... وَسَادِسَةٌ تَمِيلُ إلى شمام «٢»
(١) قوله (قال الشاعر) وهو الفرزدق.
(٢) قوله (إلى شمام) هكذا في ديوانه وهو الصحيح. فليراجع «لمصححه» .
1 / 372