326

Aḥkām al-Qurʾān

أحكام القرآن

Investigator

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي تَلَفِ نَفْسِهِ مَنْفَعَةٌ عَائِدَةٌ عَلَى الدِّينِ فَهَذَا مَقَامٌ شَرِيفٌ مَدَحَ اللَّهُ بِهِ أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ [إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ] وَقَالَ [وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ] وَقَالَ [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ] فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيِ الَّتِي مَدَحَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِلَّهِ وَعَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنَّهُ مَتَى رَجَا نَفْعًا فِي الدِّينِ فَبَذَلَ نَفْسَهُ فِيهِ حَتَّى قُتِلَ كَانَ فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ الشُّهَدَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ]
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قال (أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب وَرَجُلٌ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ فَقَتَلَهُ)
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ (أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ (شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ)
وَذَمُّ الْجُبْنِ يُوجِبُ مَدْحَ الْإِقْدَامِ وَالشَّجَاعَةِ فِيمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الدِّينِ وَإِنْ أَيْقَنَ فِيهِ بِالتَّلَفِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
بَابُ الْعُمْرَةِ هَلْ هِيَ فَرْضٌ أَمْ تَطَوُّعٌ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ
فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ قَالُوا إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ إتْمَامُهُمَا بُلُوغُ آخِرِهِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ هُوَ إقَامَتُهُمَا إلَى آخِرِ مَا فِيهِمَا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ كَأَنَّهُمَا تَأَوَّلَا ذَلِكَ عَلَى الْأَمْرِ بِفِعْلِهِمَا كَقَوْلِهِ لَوْ قَالَ حُجُّوا وَاعْتَمِرُوا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَطَاوُسٍ قَالَا إتْمَامُهُمَا إفْرَادُهُمَا وَقَالَ قَتَادَةَ إتْمَامُ الْعُمْرَةِ الِاعْتِمَارُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرُوِيَ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي قوله تعالى [الْعُمْرَةَ لِلَّهِ] قَالَ لَا تُجَاوِزُ بِهَا الْبَيْتَ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي وُجُوبِ الْعُمْرَةِ فَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّهَا تطوع وقال مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] قَالَ مَا أَمَرَنَا بِهِ فِيهِمَا وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ

1 / 328