230

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Investigator

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
حَالَ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَا مَأْمُورَيْنِ بِالصِّيَامِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَا مَأْمُورَيْنِ بِالْإِمْسَاكِ فِي مِثْلِهِ إذَا كَانَا مُفْطِرِينَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ بَعَثَ إلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يوم عاشوراء فقال من أهل فَلْيُمْسِكْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ فَلْيَصُمْ
وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ الْآكِلِينَ بِالْقَضَاءِ وَأَمَرَهُمْ بِالْإِمْسَاكِ مَعَ كَوْنِهِمْ مُفْطِرِينَ
لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ أَكَلُوا لَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ فَاعْتَبَرْنَا بِذَلِكَ كُلَّ حَالٍ تَطْرَأُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَهُوَ مُفْطِرٌ بِمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِهِ كيف كان يَكُونُ حُكْمُهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِهَا الصَّوْمُ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالُوا فِي الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَالْمُسَافِرُ إذَا قَدِمَ وَقَدْ أَفْطَرَ فِي سَفَرِهِ إنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالْإِمْسَاكِ إذْ لَوْ كَانَتْ حَالَ الطُّهْرِ وَالْإِقَامَةِ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَا مَأْمُورَيْنِ بِالصِّيَامِ وَقَالُوا لَوْ حَاضَتْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَمْ تُؤْمَرْ بِالْإِمْسَاكِ إذْ الْحَيْضُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَمْ تُؤْمَرُ بِالصِّيَامِ فَإِنْ قِيلَ فَهَلَّا أَبَحْتَ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ سَافَرَ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّ حَالَ السَّفَرِ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ سَافَرَ كَانَ مُبِيحًا لِلْإِفْطَارِ قِيلَ لَهُ لَمْ نَجْعَلَ مَا قَدَّمْنَا عِلَّةً لِلْإِفْطَارِ وَلَا لِلصَّوْمِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ عِلَّةً لِإِمْسَاكِ الْمُفْطِرِ فَأَمَّا إبَاحَةُ الْإِفْطَارِ وَحَظْرِهِ فَلَهُ شَرْطٌ آخَرُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ حَوَى قَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] أَحْكَامًا أُخَرَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْهَا دَلَالَتُهُ على أن من استبان له بعد ما أَصْبَحَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ صَوْمَهُ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقَ بَيْنَ مَنْ عَلِمَهُ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ تَرْكِ نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ اللَّيْلِ وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَلَمْ يَتَقَدَّمَ لَهُمَا نِيَّةُ الصَّوْمِ مِنْ اللَّيْلِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِمَا أَنْ يَبْتَدِئَا الصِّيَامَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُمَا قَدْ شَهِدَا الشَّهْرَ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ شُهُودَ الشَّهْرِ شَرْطًا لِلُزُومِ الصَّوْمِ وَفِي الْآيَةِ حُكْمٌ آخَرُ تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ مَنْ نَوَى بِصِيَامِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَطَوُّعًا أَوْ عَنْ فَرْضٍ آخَرَ أَنَّهُ مُجْزِئٌ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِفِعْلِ الصَّوْمِ فِيهِ وَرَدَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفٍ وَلَا مَخْصُوصٍ بِشَرْطِ نِيَّةِ الْفَرْضِ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ صَامَ فَقَدْ قَضَى عُهْدَةَ الْآيَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَفِيهَا حُكْمٌ آخَرُ تَدُلُّ أَيْضًا عَلَى لُزُومِ صَوْمِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لِمَنْ رَأَى الْهِلَالَ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الْإِفْطَارُ مَعَ كَوْنِ الْيَوْمِ مَحْكُومًا عِنْدَ سَائِرِ النَّاسِ أَنَّهُ مِنْ شَعْبَانَ وَقَدْ رَوَى رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ هِشَامٍ وَأَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ رَأَى الْهِلَالَ

1 / 232