152

Aḥkām al-Qurʾān

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
مِنْ غَيْرِ مُنْكِرٍ بِهِ عَلَى فَاعِلِيهِ فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الِاسْتِصْنَاعِ إنَّهُمْ أَجَازُوهُ لِعَمَلِ النَّاسِ وَمُرَادُهُمْ فِيهِ إقْرَارُ السَّلَفِ الْكَافَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَتَرْكُهُمْ النَّكِيرَ عَلَيْهِمْ فِي اسْتِعْمَالِهِ فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي جَوَازِهِ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خِنْزِيرِ الْمَاءِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُؤْكَلُ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِخِنْزِيرِ الْمَاءِ وَمِنْهُمْ من يسميه حمار الماء وقال الليث ابن سَعْدٍ لَا يُؤْكَلُ إنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُ الْمَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ [وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ] مُوجِبٌ لِحَظْرِ جَمِيعِ مَا يَكُونُ مِنْهُ فِي الْبَرِّ وَفِي الْمَاءِ لِشُمُولِ الِاسْمِ لَهُ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ هَذَا إلَى خِنْزِيرِ الْبَرِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَخِنْزِيرُ الْمَاءِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِهِ مُقَيَّدًا وَاسْمُهُ الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ حِمَارُ الْمَاءِ قِيلَ لَهُ لَا يَخْلُو خِنْزِيرُ الْمَاءِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلْقَةِ خِنْزِيرِ الْبَرِّ وَصِفَتِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَلَى هَذِهِ الْخِلْقَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي إطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ كَوْنَهُ فِي الْمَاءِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَعَلَى خِلْقَتِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى خُصُوصِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلْقَةٍ أُخْرَى غَيْرِهَا وَمِنْ أَجْلِهَا يُسَمَّى حِمَارَ الْمَاءِ فَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا أَجْرَوْا اسْمَ الْخِنْزِيرِ عَلَى مَا لَيْسَ بِخِنْزِيرٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُخَطِّئْهُمْ فِي التَّسْمِيَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ خِنْزِيرٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَتَسْمِيَتُهُمْ إيَّاهُ حِمَارَ الْمَاءِ لَا يَسْلُبُهُ اسْمَ الْخِنْزِيرِ
إذْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا سَمَّوْهُ بِذَلِكَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خِنْزِيرِ البر وكذلك كلب الماء وكلب الْبَرِّ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إذْ كَانَ الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي بَعْضِ أَوْصَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ تَحْرِيم مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ] وَلَا خِلَافَ بَيْن الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الذَّبِيحَةُ إذَا أُهِلَّ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ ذَبَائِحُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ الَّذِينَ كَانُوا يَذْبَحُونَ لِأَوْثَانِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى [وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ] وَأَجَازُوا ذَبِيحَةَ النَّصْرَانِيِّ إذَا سَمَّى عَلَيْهَا بِاسْمِ الْمَسِيحِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالُوا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَبَاحَ أَكْلَ ذَبَائِحِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يُهِلُّونَ بِاسْمِ الْمَسِيحِ عَلَى ذَبَائِحِهِمْ وَهُوَ مَذْهَبُ الأوزاعى والليث ابن سَعْدٍ أَيْضًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا تُؤْكَلُ

1 / 154