150

Aḥkām al-Qurʾān al-Karīm

أحكام القرآن الكريم

Editor

الدكتور سعد الدين أونال

Publisher

مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي

Edition Number

الأولى

Publisher Location

إسطنبول

Genres

Tafsīr
ذَلِكَ الْخِطَابُ عَلَى الْمَعْدُومِينَ، وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَلْحَقِ الْفَرَائِضَ مِمَّنْ كَانَ صَبِيًّا فِي وَقْتِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَقَدْ لَحِقَ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ عَادَ حُكْمُهُ إِلَى حُكْمِ أَهْلِ الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ، وَصَارَ اللَّاحِقُونَ بِهِمْ وَالْكَائِنُونَ بَعْدَهُمْ مُخَاطَبِينَ بِهَا، مُرَادِينَ بِفَرْضِهَا كَمَا كَانَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي وَقْتِ نُزُولِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ وَأَشْبَاهُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ فَلَمَّا كَانَ الْحَادِثُونَ مِمَّنْ فِيهِمُ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الْفَرْضُ عَلَى الْأَوَّلِينَ، يَكُونُونَ فِي الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ، وَفِي لُزُومِهِ إِيَّاهُمْ كَالْأَوَّلِينَ، كَانَ كَذَلِكَ الْحَادِثُونَ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ فِي إِقَامَةِ الْفَرَائِضِ، وَالْكَوْنِ فِيمَنْ يُقِيمُونَهَا فِيهِمْ فِي حُكْمِ الَّذِينَ خَلَفُوهُ فِيهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِلصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ فَوَجَبَ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ إِبَاحَةُ الِانْصِرَافِ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الِانْصِرَافِ فِي غَيْرِهَا، وَالصَّلَاةِ مَعَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ فِيهِمْ كَمَا تَفْضُلُ الصَّلَاةُ مَعَهُ الصَّلَاةَ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ قِيلَ: الْأَمْرُ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ ﷺ، كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَكِنَّا لَمْ نَرَ ذَلِكَ الْفَضْلَ أَسْقَطَ فَرْضًا عَنِ الْمَأْمُومِينَ، وَلَا أَبَاحَ مَحْظُورًا كَانَ
عَلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ لَهَا كَمَا يَتَطَهَّرُونَ لِلصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ، وَيَأْتُونَ بِقِيَامِهَا، وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا، وَسَائِرِ مَا يَأْتُونَ بِهِ فِيهَا مَعَهُ كَمَا كَانُوا يَأْتُونَ بِهِ لَوْ صَلَّوْهَا مَعَ غَيْرِهِ، فَلَمَّا كَانَ فَضْلُ الصَّلَاةِ مَعَهُ ﷺ، غَيْرَ مُغَيِّرٍ لِحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي نَفْسِهَا، وَلَا لِحُكْمِ الْفَرْضِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فِيهَا ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا أُبِيحَ لَهُمْ مِنَ الِانْصِرَافِ لَمْ يَكُنْ لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ نَفْسَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ كَانَتْ وَحُجَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ الَّذِينَ شَهِدُوا نُزُولَ الْآيَةِ، وَحَضَرُوا اسْتِعْمَالَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِيَّاهَا قَدْ جَعَلُوهَا مِنْ بَعْدِهِ ﷺ عَلَى حُكْمِهَا الَّذِي كَانَ فِي وَقْتِهِ، مِنْهُمُ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَقَدْ سُئِلُوا عَنْهَا بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأَتَوْا بِهَا وَأَخْبَرُوا كَيْفَ

1 / 210