37

Aḥkām al-zawāj

أحكام الزواج

Publication Year

1408 AH

السادس: قال: ﴿لا ينكحها إلا زان أو مشرك﴾، فلو أريد الوطء لم يكن حاجة إلى ذكر المشرك فإنه زان، وكذلك المشركة إذا زنى بها رجل، فهي زانية فلا حاجة إلى التقسيم.

السابع: إنه قد قال قبل ذلك:

﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾(٣٩).

فأي حاجة إلى أن يذكر تحريم الزنا بعد ذلك؟!

وأما النسخ، فقال سعيد بن المسيب وطائفة: نسخها قوله: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾(٤٠). ولما علم أهل هذا القول أن دعوى النسخ بهذه الآية ضعيف جداً، ولم يجدوا ما ينسخها، فاعتقدوا أنه لم يقل بها أحد قالوا: هي منسوخة بالإجماع، كما زعم ذلك أبو علي الجبائي وغيره.

أما على قول من يرى من هؤلاء أن الإجماع ينسخ النصوص كما يذكر ذلك عن عيسى بن أبان وغيره، وهو قول في غاية الفساد، مضمونه أن الأمة يجوز لها تبديل دينها بعد نبيها، وأن ذلك جائز لهم، كما تقول النصارى: أبيح لعلمائهم أن ينسخوا من شريعة المسيح ما يرونه؛ وليس هذا من أقوال المسلمين.

وممن يظن الإجماع من يقول: الإجماع دل على نص ناسخ لم يبلغنا؛ ولا يظن الإجماع في خلاف هذه الآية. وكل من عارض نصاً بإجماع وادعى نسخه من غير نص يعارض ذلك النص فإنه مخطئ في ذلك، كما قد بسط الكلام على هذا في موضع آخر، وبين أن النصوص لم ينسخ منها شيء إلا بنص باق محفوظ عند الأمة. وعلمها بالناسخ الذي العمل به أهم عندها من علمها بالمنسوخ الذي لا يجوز العمل به، وحفظ الله النصوص الناسخة أولى من حفظه المنسوخة.

وقول من قال: هي منسوخة بقوله: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم﴾ في غاية الضعف، فإن كونها زانية وصف عارض لها، يوجب تحريماً عارضاً؛ مثل كونها

(٣٩) سورة النور، الآية: ٢.

(٤٠) سورة النور، الآية: ٣٢.

36