وقال الشعبي وقتادة نحو ذلك (^١).
قال القاضي ﵀: وهذه الآية نزلت في العمد، والعاقلة لا تحمل عمدًا ولا إقرارًا ولا عبدًا.
[من هو العافي؟]
وقول من ذكرنا من ابن عباس وغيره إذا قبلت الدية، موافق لقولنا: إن العافي هو القاتل، وإن أولياء المقتول مُجبَرون في قبول ذلك أو القتل، ألا ترى أنه ﵎ قال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩]، ثم قال: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ﴾، يعني: من وَلِيِّه المقتول شيء، والشيء نكرة، وليس هو دِيَة معلومة، وهو ما بذله له فَرَضِيَ الأولياء به، جازَ الديةَ أو كان دونها، ﴿فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ يتَّبع المعفوّ له طالبًا (^٢) بإحسان، ويؤدي القاتل أيضًا بإحسان.
قال القاضي ﵀: وقد غلِط مخالفونا في علم هذه الآية، فجعلوا العافي وليّ المقتول، ولم يتدبروا الآية، فإذا كان وليُّ المقتول هو العافي فماذا يَتَّبعُ، وماذا يؤدي بإحسان؟
وإنما معنى الآية: من أُعطىَ من أخيه شيئًا (^٣) من العقل يرضى به فليتبعه بالمعروف، وليؤد إليه بإحسان، ﴿ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾، فخفَّف به من أمر القصاص لمن قبله، ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
* * *
(^١) الرواية عن الشعبي أخرجها ابن جرير (٢/ ١١٣)، وعن قتادة أخرجها أيضًا ابن جرير (٢/ ١١٣ و١١٦).
(^٢) في الأصل: طالب.
(^٣) في الأصل: شيء.