فقلت باسما في أسى: هيهات أن يفعل، وهيهات أن أقبل مالا ملوثا. - وكيف إذن نتزوج؟ - بعد قليل سأفرغ من دراستي الثانوية، لن أجند لضعف بصري، فمن الأفضل أن أعمل، خاصة وأن موهبتي تعتمد على الدراسة الخاصة أكثر من الدراسة النظامية. - هل يكفي في هذه الحال مرتبك؟ - لقد طلب أبي إعفاءه من عمله في المسرح، اكتفاء بما يربحه من القمار وغيره، وهم الآن بصدد البحث عن ملقن؛ سأتقدم لأحل محل أبي، فأجد عملا في جو المسرح الذي أعقد به أملي في الحياة ... يضاف إلى ذلك أنك تستأجرين شقة، فلن تصادفنا عقبة السكن. - هل أستمر في عملي بالمسرح حتى تتحسن الأحوال؟
فقلت بحدة: كلا ... يجب الابتعاد عن أولئك الرجال. - قلت إنه لدي مدخر قليل، ولكنه لن يبقى حتى تقف على قدميك.
فقلت بحماس: علينا أن نتحمل حتى نبلغ النجاح المنشود.
عند بلوغ ذلك المرفأ، استسلمنا لعواطفنا، ونسينا إلى حين كل شيء، وربما لولاها ما واصلنا الحديث، ولكنها تخلصت من ذراعي بحنان وهي تهمس: يجب أن أتخلص من طارق ... لن أراه مرة أخرى.
فسألتها بضيق: سيجيء إلى هنا؟ - لن أفتح له الباب.
فقلت بتحد: سأخبره بكل شيء.
فقالت بقلق: أرجو ألا تتطور الأمور إلى ما يسوء.
فقلت بكبرياء: إني على استعداد لمواجهته. •••
رجعت إلى باب الشعرية مخلوقا جديدا، لأول مرة أراها من خلال نظرة المودع، فتلوح في غلالة أجمل وأجذب للحنان. عما قليل سأنتقل من مقاعد المتفرجين لألعب دورا في مسرح الحياة، سأستنشق هواء نقيا غير هواء هذا البيت القديم العطن. جلست في الصالة الخالية في الدور الأرضي، حتى رأيت طارق هابطا. حياني، ثم سألني: ألم تحضر تحية؟
فقلت وأنا أتوثب للنزول: كلا! - لم أقابلها في المسرح. - لن تذهب إلى المسرح. - ماذا تعني؟ - لن تحضر إلى هنا، ولن تذهب إلى المسرح. - من أدراك بهذه الأسرار كلها؟ - سنتزوج. - هه؟! - اتفقنا على الزواج. - يابن ... أنت مجنون؟ ... ماذا تقول؟! - قررنا أن نكون شرفاء معك.
Unknown page