وضجت المائدة بالضحك مرة أخرى، ولكن سرحان قال بنبرة ذات معنى: ولكن حليمة لا تشارك في الأفراح.
فقالت حليمة وهي تواصل إعداد الشراب: حليمة في مأتم! - من يدري؟ ... ربما تصادفه السعادة التي لا ندري أين تقيم.
فقال سالم العجرودي: تحية امرأة طيبة رغم كل شيء.
فقلت وأنا أضحك عاليا: رغم كل شيء!
فقالت حليمة بحنق: السعادة في هذه الأيام من نصيب البغال.
وتساءل سرحان: وهل يواصل محاولاته في تأليف المسرحيات؟
فقالت حليمة: طبعا.
فقال باسما: عظيم ... ستهبه تحية تجارب مفيدة!
ثم انهمكت في جمع النقود، وأنا أتذوق أول ليلة تمر بلا رقيب. •••
المرأة تبحث عن ابنها، وأنا في المقلى وحدي؛ ترى أي نهاية رسمها لها في المسرحية؟ فاتني أن أسأل عن ذلك! هل يسدل الستار ونحن في السجن؟ في المقلى؟ ويجيء زبون في أعقاب زبون؛ هؤلاء الناس لا يدرون كم أحتقرهم وأمقتهم، منافقون، يفعلون مثلنا، ويؤدون الصلاة في أوقاتها؛ أنا خير منهم، أنا حر أنتمي إلى عصر سابق للدين وقواعد السلوك، لكني محاصر في هذه المقلى بجيوش المنافقين. كل رجل وكل امرأة مثل الدولة؛ لذلك تترككم للمجاري والطوابير، وتجود عليكم بالخطب الرنانة، ويحطم ابني رأسه بمواعظه الصامتة، ثم يرتكب الخيانة والقتل، ولو تيسر الأفيون وحده لهان كل شيء. لماذا تغرر بنا أيام الخطوبة؟ لماذا تهمس لنا بعذوبة غير موجودة؟ - إني مدين لعم أحمد برجل بسعادة فوق احتمال البشر. - لا تبالغ. - حليمة ... ما أسعد من لا يضيع خفقان قلبه في العدم!
Unknown page