Adhkiya
الأذكياء
Publisher
مكتبة الغزالي
وَسَار جذيمة فَلَمَّا قرب من ديار الزباء نزل وَأرْسل إِلَيْهَا يعلمهَا بمجيئه فرحبت وَقربت وأظهرت السرُور بِهِ وَالرَّغْبَة فِيهِ وَأمرت أَن يحمل إِلَيْهِ الْإِنْزَال والعلوفات وَقَالَت لجندها وخاصة أهل مملكتها وَعَامة أهل دولتها ورعيتها تلقوا سيدكم وَملك دولتكم وَعَاد الرَّسُول إِلَيْهِ بِالْجَوَابِ بِمَا رأى وَسمع فَلَمَّا أَرَادَ جذيمة أَن يسير دَعَا قَصِيرا فَقَالَ أَنْت على رَأْيك قَالَ نعم قد زَادَت بصيرتي فِيهِ أفأنت على عزمك قَالَ نعم وَقد زَادَت رغبتي فِيهِ فَقَالَ قصير لَيْسَ للأمور بِصَاحِب من لم ينظر فِي العواقب وَقد يسْتَدرك الْأَمر قبل فَوَاته وَفِي يَد الْملك بغية هُوَ بهَا مسلط على اسْتِدْرَاك الصَّوَاب فَإِن وثقت بأنك ذُو ملك وعشيرة وَمَكَان فَإنَّك قد نزعت يدك من سلطانك وَفَارَقت عشيرتك ومكانك وألقيتها فِي يَدي من لست آمن عَلَيْك مكره وغدره فَإِن كنت وَلَا بُد فَاعِلا ولهواك تَابعا فَإِن الْقَوْم أَن تلقوك غَدا فرقا وَسَارُوا أمامك وَجَاء قوم وَذهب قوم فَالْأَمْر بعده فِي يدك والرأي فِيهِ إِلَيْك وَأَن تلقوك رزدقًا وَاحِدًا وَأَقَامُوا لَك صفّين حَتَّى إِذا توسطتهم انقضوا عَلَيْك من كل جَانب فأحدقوا بك فقد ملكوك وصرت فِي قبضتهم وَهَذِه الْعَصَا لَا يشق غبارها وَكَانَت لجذيمة فرس تسبق الطير وتجاري الرِّيَاح يُقَال لَهَا الْعَصَا فَإِذا كَانَ كَذَلِك فتملك ظهرهَا فَهِيَ نَاجِية بك إِن ملكت ناصيتها فَسمع جذيمة كَلَامه وَلم يرد جَوَابا وَسَار وَكَانَت الزباء لما رَجَعَ رَسُول جذيمة من عِنْدهَا قَالَت لجندها إِذا أقبل جذيمة غَدا فتلقوه بأجمعكم وَقومُوا لَهُ صفّين عَن يَمِينه وشماله فَإِذا توَسط جمعكم فتعرضوا عَلَيْهِ من كل جَانب حَتَّى تحدقوا بِهِ وَإِيَّاكُم أَن يفوتكم وَسَار جذيمة وقصير عَن يَمِينه فَلَمَّا لقِيه الْقَوْم رزدقًا وَاحِدًا أَقَامُوا لَهُ صفّين فَلَمَّا توسطهم انقضوا عَلَيْهِ من كل جَانب انقضاض الأحدل على فريسته فأحدقوا بِهِ وَعلم أَنهم قد ملكوه وَكَانَ قصير يسايره فَأقبل عَلَيْهِ وَقَالَ صدقت يَا قصير فَقَالَ قصير أَيهَا الْملك أَبْطَأت بِالْجَوَابِ حَتَّى فَاتَ
1 / 162