وارتسمت معالم التعرف على ملامح «أبو العلا». - الآن عرفتك. وأنا منذ اللحظة الأولى أقول لنفسي الوجه ليس غريبا علي. - طالما زرت سعادتك في العزبة. - مع أبيك التاجر حيدر أبو عبيد الكيالي.
وجد عبد الشكور في كلمة التاجر ما طمأنه بعض الاطمئنان؛ فقد كان يستطيع أن يذكر الحقيقة ويقول السمسار ولا يكون بعيدا عن الحقيقة المؤكدة. أما أن يقول التاجر فلا شك أنه يريد أن يجاملني.
وأكمل أبو العلا: وكنت أنت تعمل في القطن.
وهذه مجاملة أخرى؛ أنه لم يقل تسمسر.
وسارع قائلا: ذاكرة سعادتك عظيمة. - وكيف حال أبيك؟ - الحمد لله. - لي زمان لم أره. - إنه لا يستغني عن سعادتك أبدا. - لي هنا أسهم. - أعرف يا سعادة البك.
وبدأ أبو العلا يلقي على عبد الشكور التصرفات التي يريد أن يجريها في أسهمه، وأنهى عمله وقام وهو يقول: أنا أعتبرك هنا كابني؛ فأبوك حيدر من أحب الناس إلي؟ - أطال الله عمرك يا سعادة البك. وستجدني دائما تحت أمرك. - كثر خيرك. السلام عليكم.
وخرج. ولم يتنفس عبد الشكور الصعداء؛ فقد توقع شرا هو في غنى عنه كل الغنى. •••
يومان مرا، وفتح الساعي الباب ولم ينطق، وملأ فتحة الباب أبوه واقفا أمامه، ورأى عبد الشكور فيه الحدث الآخذ. طبعا قال للساعي إنه أبي، وإلا لما فتح الباب. وانكتم لا ينطق.
بالغريزة قفز عن كرسيه. - أهلا أبي، يا مرحبا.
وانحنى على يده يقبلها، ولكن أباه اختطفها منه: الآن عرفت سبب مقاطعتك لي أنا وأمك. - العفو يابا، كنت مشغولا فقط. - النقاش لا يفيد ولا الأعذار. - يابا وهل لي في الدنيا إلا أنت وأمي. - لن تستطيع خداعي. وإنما جئت من البلد فقط لألقي عليك نظرة وأفهمك أنني عرفت مكانك ومكانتك في البنك أيضا، ثم السلام عليكم ورحمة الله. لن تراني بعدها ولن ترى أمك. واستدار حيدر وأخذ طريقه إلى خارج البنك.
Unknown page