83

Adab Talab

أدب الطلب

Investigator

عبد الله يحيى السريحي

Publisher

دار ابن حزم

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩هـ - ١٩٩٨م

Publisher Location

لبنان / بيروت

من كَانَ من السّلف دون من تَبِعَهُمْ من الْخلف وَلَا قصر فَضله بِمَا شَرعه لجَمِيع عباده على أهل عصر دون عصر أَو أهل قطر دون قطر أَو أهل بطن دون بطن فالفهم الَّذِي خلقه للسلف خلق مثله للخلف وَالْعقل الَّذِي رَكبه فِي الْأَمْوَات ركب مثله فِي الْأَحْيَاء وَالْكتاب وَالسّنة موجودان فِي الْأَزْمِنَة الْمُتَأَخِّرَة كَمَا كَانَا فِي الْأَزْمِنَة الْمُتَقَدّمَة والتعبد بهما لمن لحق كالتعبد لمن مضى وَعلم لُغَة الْعَرَب مَوْجُود فِي الدفاتر عِنْد الْمُتَأَخِّرين على وَجه لَا يشذ مِنْهُ شئ بعد أَن كَانَ المتقدمون بأخذونه عَن الروَاة حرفا حرفا ويستفيدون من أربابه كلمة كلمة وَكَذَلِكَ تَفْسِير الْكتاب الْعَزِيز مَوْجُود فِي التفاسير الَّتِي دونهَا السّلف للخلف بعد أَن كَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يرحل فِي تَفْسِير آيَة من كتاب الله إِلَى الأقطار الشاسعة وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيث المروية عَن رَسُول الله ﷺ مَوْجُودَة فِي الدفاتر الَّتِي جمعهَا الأول للْآخر بعد أَن كَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يرحل فِي طلب الحَدِيث الْوَاحِد إِلَى الْبِلَاد الْبَعِيدَة وَهَكَذَا جَمِيع الْعُلُوم الَّتِي يستعان بهَا على فهم الْكتاب وَالسّنة فالوقوف على الْحق والاطلاع على مَا شَرعه الله لِعِبَادِهِ قد سهله الله على الْمُتَأَخِّرين ويسره على وَجه لَا يَحْتَاجُونَ فِيهِ من الْعِنَايَة والتعب إِلَّا بعض مَا كَانَ يَحْتَاجهُ من قبلهم وَقد قدمنَا الْإِشَارَة إِلَى هَذَا الْمَعْنى ثمَّ أَن هَذَا الْعَالم يُوضح لمن يَأْخُذ عَنهُ الْعلم فِي كل بحث مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيل ويوجبه الْإِنْصَاف وَهُوَ وَإِن أَبى ذَلِك فِي الِابْتِدَاء فَلَا بُد أَن يُؤثر ذَلِك الْبَيَان فِي طبعه قبولا وَفِي فطرته انقيادا ويحرص على أَن تكون أوقاته مَشْغُولَة بتدريس الطّلبَة فِي كتب التَّفْسِير والْحَدِيث وشروحه وَفِي كتب الْفِقْه الَّتِي يتَعَرَّض مؤلفوها لذكر الْأَدِلَّة وَالتَّرْجِيح فَإِنَّهُ فِي تدريس هَذِه المؤلفات يَتَيَسَّر لَهُ من الْإِرْشَاد وَالْهِدَايَة وتأسيس الْحق وتقريب الْإِنْصَاف مَا لَا يَتَيَسَّر لَهُ فِي غَيرهَا وَإِن كَانَ كَلَامه وَمَعَ من هُوَ دون هَذِه الطَّبَقَة فأنفع مَا يلقيه إِلَيْهِ هُوَ ترغيبه فِي عُلُوم الِاجْتِهَاد وتعريفه أَن الْمَقْصُود بِهَذِهِ الْعُلُوم هُوَ الْوُصُول إِلَى مَا وصل

1 / 111