92

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
[فَصْلٌ حُكْمُ تَوْبَةِ الْكَافِرِ مِنْ الْمَعَاصِي دُونَ الْكُفْرِ وَالْعَكْسِ]
ِ) وَلَا تَصِحُّ تَوْبَةُ كَافِرٍ مِنْ مَعْصِيَةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْوَالِبِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ [إبراهيم: ٢٦] لَا يَقْبَلُ اللَّهُ ﷿ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا. وَقِيلَ: تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْكُفْرِ بِالْقَوْلِ وَالنِّيَّةِ، وَمِنْهُ بِالْإِسْلَامِ، وَيُغْفَرُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ الْكُفْرُ الَّذِي تَابَ مِنْهُ، وَهَلْ تُغْفَرُ لَهُ الذُّنُوبُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي حَالِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فِي الْإِسْلَامِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (أَحَدُهُمَا) يُغْفَرُ لَهُ الْجَمِيعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨]
أَيْ: يَنْتَهُوا عَنْ كُفْرِهِمْ، وَلِأَنَّهُ انْدَرَجَ فِي ضِمْنِ الْمُحَرَّمِ الْأَكْبَرِ فَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْدَرِجُ وَيَسْقُطُ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَوْبَتِهِ مِنْهُ؟ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ ﵏ وَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا فِي كَلَامِهِمْ، وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ ابْنِ حَامِدٍ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْغُفْرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْخَبَرَ إلَّا حُجَّةً لِمَنْ اعْتَبَرَ لِصِحَّةِ التَّوْبَةِ أَعْمَالًا صَالِحَةً، وَإِنَّهُ يَجِيءُ عَلَى مَقَالَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَشْهَرَ خِلَافُهُ.
(وَالثَّانِي) لَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ أَحْمَدَ رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّقُولُ وَالنُّصُوصُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، إنَّهُ إنْ تَابَ مِنْ جَمِيعِ مَعَاصِيهِ غُفِرَ لَهُ، وَإِنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا لَمْ يُغْفَرْ لَهُ.
وَإِنْ كَانَ ذَاهِلًا عَنْ الْإِصْرَارِ وَالْإِقْلَاعِ إمَّا نَاسِيًا، أَوْ ذَاكِرًا غَيْرَ مُرِيدٍ لِلْفِعْلِ وَلَا لِلتَّرْكِ غُفِرَ لَهُ أَيْضًا وَالْحَدِيثَانِ يَأْتَلِفَانِ عَلَى هَذَا يَعْنِي حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ

1 / 93