50

Adab Sharciyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ: أَسْمَعُ وَصِيَّةَ اللَّهِ ﷿ يَقُولُ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: ٣٤] وَأَسْمَعُ النَّاسَ يَعُدُّونَ مَنْ يُظْهِرُ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ مُنَافِقًا، فَكَيْفَ لِي بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّخَلُّصِ مِنْ النِّفَاقِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: النِّفَاقُ هُوَ: إظْهَارُ الْجَمِيلِ، وَإِبْطَالُ الْقَبِيحِ، وَإِضْمَارُ الشَّرِّ مَعَ إظْهَارِ الْخَيْرِ لِإِيقَاعِ الشَّرِّ، وَاَلَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ إظْهَارُ الْحَسَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْقَبِيحِ لِاسْتِدْعَاءِ الْحَسَنِ. فَخَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ النِّفَاقَ إبْطَالُ الشَّرِّ وَإِظْهَارُ الْخَيْرِ لِإِيقَاعِ الشَّرِّ الْمُضْمَرِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَالْحَسَنَ فِي مُقَابَلَةِ الْقَبِيحِ لِيَزُولَ الشَّرُّ فَلَيْسَ بِمُنَافِقٍ لَكِنَّهُ يَسْتَصْلِحُ أَلَا تَسْمَعُ إلَى قَوْلِهِ ﷾ ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: ٣٤] فَهَذَا اكْتِسَابُ اسْتِمَالَةٍ، وَدَفْعُ عَدَاوَةٍ، وَإِطْفَاءٌ لِنِيرَانِ الْحَقَائِدِ، وَاسْتِنْمَاءُ الْوُدِّ وَإِصْلَاحُ الْعَقَائِدِ، فَهَذَا طِبُّ الْمَوَدَّاتِ وَاكْتِسَابُ الرِّجَالِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد (بَابٌ فِي الْعَصَبِيَّةِ) ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى سِمَاكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ: «مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الَّذِي رَدِيَ فَهُوَ يَنْزِعُ بِذَنَبِهِ» حَدِيثٌ حَسَنٌ وَيُقَالُ: رَدِيَ وَتَرَدَّى لُغَتَانِ كَأَنَّهُ تَفَعَّلَ مِنْ الرَّدَى (الْهَلَاكُ) أَرَادَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْإِثْمِ وَهَلَكَ كَالْبَعِيرِ إذَا تَرَدَّى فِي الْبِئْرِ وَأُرِيدَ أَنْ يَنْزِعَ بِذَنَبِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ. وَعَنْ بِنْتِ وَاثِلَةَ سَمِعَتْ أَبَاهَا يَقُولُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ قَالَ «أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ» حَدِيثٌ حُسْنَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ قَالَ لَا وَلَكِنْ مِنْ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يَنْصُرَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ» . وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا

1 / 51