211

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عُتْبَةَ الْخَوْلَانِيِّ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ ﷿ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ» قَالَ أَحْمَدُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: هُمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ ﵁ يُنْشِدُ:
إذَا رَأَيْت شَبَابَ الْحَيِّ قَدْ نَشَئُوا ... لَا يَحْمِلُونَ قِلَالَ الْحِبْرِ وَالْوَرَقَا
وَلَا تَرَاهُمْ لَدَى الْأَشْيَاخِ فِي حِلَقٍ ... يَعُونَ مِنْ صَالِحِ الْأَخْبَارِ مَا اتَّسَقَا
فَعَدِّ عَنْهُمْ وَدَعْهُمْ إنَّهُمْ هَمَجُ ... قَدْ بَدَّلُوا بِعُلُوِّ الْهِمَّةِ الْحُمُقَا
وَقَالَ الْمُزَنِيّ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ يَا أَبَا إبْرَاهِيمَ الْعِلْمُ جَهْلٌ عِنْدَ أَهْلِ الْجَهْلِ، كَمَا أَنَّ الْجَهْلَ جَهْلٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، ثُمَّ أَنْشَدَ الشَّافِعِيُّ لِنَفْسِهِ:
وَمَنْزِلَةُ الْفَقِيهِ مِنْ السَّفِيهِ ... كَمَنْزِلَةِ السَّفِيهِ مِنْ الْفَقِيهِ
فَهَذَا زَاهِدٌ فِي قُرْبِ هَذَا ... وَهَذَا فِيهِ أَزْهَدُ مِنْهُ فِيهِ
إذَا غَلَبَ الشَّقَاءُ عَلَى السَّفِيهِ ... تَنَطَّعَ فِي مُخَالَفَةِ الْفَقِيهِ
قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَهَذَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ: ﷺ «إنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أُولُوا الْفَضْلِ» ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَشْهُورٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ ﵁ لَمَّا دَخَلَ مِصْرَ أَتَاهُ جُلُّ أَصْحَابِ مَالِكٍ ﵁، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَابْتَدَأَ يُحَلِّفُ أَصْحَابَ مَالِكٍ فِي مَسَائِلَ فَتَنَكَّرُوا لَهُ وَجَفَوْهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ لَمَّا دَخَلَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ أَوَّلَ قُدُومِهِ إلَيْهَا جَفَاهُ النَّاسُ فَلَمْ يَجْلِسْ إلَيْهِ أَحَدٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ قَدِمَ مَعَهُ: لَوْ قُلْت شَيْئًا يَجْتَمِعُ إلَيْك بِهِ النَّاسُ، فَقَالَ إلَيْك عَنِّي وَأَنْشَدَ يَقُولُ:
أَأَنْثُرُ دُرًّا بَيْنَ سَارِحَةِ النَّعَمْ ... أَأَنْظِمُ مَنْثُورًا لِرَاعِيَةِ الْغَنَمْ
لَعَمْرِي لَإِنْ ضُيِّعْتُ فِي شَرِّ بَلْدَةٍ ... فَلَسْت مُضَيِّعًا بَيْنَهُمْ غُرَرَ الْكَلِمْ
فَإِنْ فَرَّجَ اللَّهُ اللَّطِيفُ بِلُطْفِهِ ... وَصَادَفْت أَهْلًا لِلْعُلُومِ وَلِلْحِكَمْ
بَثَثْتُ مُفِيدًا وَاسْتَفَدْتُ وِدَادَهُمْ ... وَإِلَّا فَمَخْزُونٌ لَدَيَّ وَمُكْتَتَمْ
وَمَنْ مَنَحَ الْجُهَّالَ عِلْمًا أَضَاعَهُ ... وَمَنْ مَنَعَ الْمُسْتَوْجِبِينَ فَقَدْ ظَلَمْ

1 / 212