Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya
الآداب الشرعية والمنح المرعية
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الأولى
Publisher Location
القاهرة
Genres
Sufism
نُعُوتِ ذَاتِهِ؟ وَمُحَمَّدٌ ﷺ يَقُولُ: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ فَضْلًا عَنْ أَنْ أُحْصِيَ نَعْتَكَ»، وَالْحَقُّ ﷾ يَقُولُ عَنْ الْمَلَائِكَةِ ﵈: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠] .
فَهَلْ يَحْسُنُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنْ تَلْتَفِتَ إلَى مَنْ قَالَ: إنِّي وَقَفْتُ عَلَى نُعُوتِهِ؟ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا تَتَلَقَّاهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ فَيُعْمَلُ عَلَيْهِ عَلَى شَرْطِ ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] وَتُمْسِكُ عَمَّا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَقْلٌ، أَوْ عَمَّا وَرَدَ بِهِ نَقْلٌ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ مِنْ الْفُنُونِ: قَدْ رَجَعْت إلَى مُعْتَقَدِي فِي الْمَكْتَبِ مُتَّبِعًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَبْرَأُ إلَى اللَّهِ ﷿ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ حَدَثَ بَعْدَ أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ.
وَقَالَ أَيْضًا: كُلُّ يَوْمٍ تَمُوتُ مِنْك شَهْوَةٌ وَلَا تَحْيَا مِنْك مَعْرِفَةٌ، وَاعَجَبًا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي مَاهِيَّةِ الْعَقْلِ وَلَا يَدْرُونَ، فَكَيْفَ يُقْدِمُونَ عَلَى الْكَلَامِ فِي خَالِقِ الْعَقْلِ،
وَقَالَ أَيْضًا: قَدْ تَكَرَّرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا سِيَّمَا أَصْحَابُنَا قَوْلُهُمْ: مَذْهَبُ الْعَجَائِزِ أَسْلَمُ فَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ كَلَامُ جَهْلٍ، وَلَوْ فَطِنُوا لِمَا قَالُوا لَاسْتَحْسَنُوا وَقْعَ الْكَلِمَةِ وَإِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ صَدَرَتْ عَنْ عُلُوِّ رُتْبَةٍ فِي النَّظَرِ، حَيْثُ انْتَهَوْا إلَى غَايَةٍ هِيَ مُنْتَهَى الْمُدَقِّقِينَ فِي النَّظَرِ، فَلَمَّا لَمْ يَشْهَدُوا مَا يَشْفِي الْعَقْلَ مِنْ التَّعْلِيلَاتِ وَالتَّأْوِيلَاتِ بِالِاعْتِرَاضِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، وَقَفُوا مَعَ الْجُمْلَةِ الَّتِي هِيَ مَرَاسِمُ الشَّرْعِ، وَجَنَحُوا عَنْ الْقَوْلِ بِالتَّعْلِيلِ، فَإِذَا سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَفُوا مَعَ الِامْتِثَالِ حِينَ عَجَزَ أَهْلُ التَّعْلِيلِ فَقَدْ أَعْطَوْا الطَّاعَةَ حَقَّهَا، وَلَقَدْ عَلَّلَ قَوْمٌ فَمَنَعُوا الْعَقْلَ عَنْ الْإِصْغَاءِ إلَى ذَلِكَ الْإِذْعَانِ بِالْعَجْزِ.
وَوَجَدْت فِي كِتَابٍ لِوَلَدِ وَلَدِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ وَكَلَامَ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ عِلْمَ الْكَلَامِ مَشْرُوعٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَتَجُوزُ الْمُنَاظَرَةُ فِيهِ وَالْمُحَاجَّةُ لِأَهْلِ الْبِدَعِ، وَوَضْعُ الْكُتُبِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَئِمَّةُ التَّحْقِيقِ الْقَاضِي، وَالتَّمِيمِيُّ فِي جَمَاعَةِ الْمُحَقِّقِينَ
1 / 206