174

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
[فَصْل فِي الْإِنْكَار عَلَى السُّلْطَان وَالْفَرْق بَيْن الْبُغَاة وَالْإِمَام الْجَائِر]
وَلَا يُنْكِر أَحَد عَلَى سُلْطَان إلَّا وَعْظًا لَهُ وَتَخْوِيفًا أَوْ تَحْذِيرًا مِنْ الْعَاقِبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُ يَجِب وَيَحْرُم بِغَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْره وَالْمُرَاد وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِير وَإِلَّا سَقَطَ وَكَانَ حُكْم ذَلِكَ كَغَيْرِهِ.
قَالَ حَنْبَلٌ: اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا لَهُ: إنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا يَعْنُونَ إظْهَار الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْر ذَلِكَ وَلَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ وَلَا سُلْطَانه، فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ بِقُلُوبِكُمْ وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَة وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيح بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر وَقَالَ لَيْسَ هَذَا صَوَاب، هَذَا خِلَاف الْآثَار.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُر بِكَفِّ الدِّمَاء وَيُنْكِر الْخُرُوج إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الْكَفُّ؛ لِأَنَّا نَجِدُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «مَا صَلَّوْا فَلَا» خِلَافًا لِلْمُتَكَلِّمِينَ فِي جَوَاز قِتَالِهِمْ كَالْبُغَاةِ قَالَ الْقَاضِي: وَالْفَرْق بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَة الظَّاهِر وَالْمَعْنَى، أَمَّا الظَّاهِر فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى أَمَرَ بِقِتَالِ الْبُغَاة بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ﴾ [الحجرات: ٩] .
وَفِي مَسْأَلَتِنَا أَمْرٌ بِالْكَفِّ عَنْ الْأَئِمَّة بِالْأَخْبَارِ الْمَذْكُورَة، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّ الْخَوَارِج يُقَاتَلُونَ بِالْإِمَامِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا يَحْصُل قِتَالهمْ بِغَيْرِ إمَام فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَمْ يَجُزْ الْجِهَاد بِغَيْرِ إمَام انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ
إنَّ الْجَمَاعَةَ حَبْلُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا ... مِنْهُ بِعُرْوَتِهِ الْوُثْقَى لِمَنْ دَانَا

1 / 175