144

Al-Ādāb al-sharʿiyya waʾl-minaḥ al-marʿiyya

الآداب الشرعية والمنح المرعية

Publisher

عالم الكتب

Edition Number

الأولى

Publisher Location

القاهرة

Genres

Sufism
فِي دَوَاءِ الْعِشْقِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا، وَخُلِقَتْ النَّفْسُ فِي الْأَصْلِ جَاهِلَةً ظَالِمَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] .
فَلِجَهْلِهَا تَظُنُّ شِفَاءً فِي اتِّبَاعِ هَوَاهَا، وَإِنَّمَا هُوَ أَعْظَمُ دَاءٍ فِيهِ تَلَفُهَا، وَتَضَعُ الدَّاءَ مَوْضِعَ الدَّوَاءِ وَالدَّوَاءَ مَوْضِعَ الدَّاءِ، فَيَتَوَلَّدُ مِنْ ذَلِكَ عِلَلٌ وَأَمْرَاضٌ، ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ تُبَرِّئُ نَفْسَهَا وَتَلُومُ رَبَّهَا ﷿ بِلِسَانِ الْحَالِ، وَقَدْ تُصَرِّحُ بِاللِّسَانِ وَلَا تَقْبَلُ النُّصْحَ لِظُلْمِهَا وَجَهْلِهَا وَلِهَذَا كَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ مُشْتَمِلًا عَلَى كَمَالِ الرُّبُوبِيَّةِ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَيَسْتَلْزِمُ تَوْحِيدَهُ، وَأَنَّهُ الَّذِي لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَا إلَّا لَهُ ﷾، وَفِيهِ الْعَظَمَةُ الْمُطْلَقَةُ وَهِيَ مُسْتَلْزِمَةٌ إثْبَاتَ كُلِّ كَمَالٍ، وَفِيهِ الْحِلْمُ مُسْتَلْزِمٌ كَمَالَ رَحْمَتَهُ وَإِحْسَانِهِ فَمَعْرِفَةُ الْقَلْبِ بِذَلِكَ تُوجِبُ إعْمَالَهُ فِي أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، فَيَجِدُ لَذَّةً وَسُرُورًا يَدْفَعُ مَا حَصَلَ وَرُبَّمَا حَصَلَ الْبَعْضُ بِحَسَبِ قُوَّةِ ذَلِكَ وَضَعْفِهِ كَمَرِيضٍ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا يُقَوِّي طَبِيعَتَهُ.
وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ فِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ لِتَفْرِيجِ مَا حَصَلَ لِلْقَلْبِ، وَكُلَّ مَا كَانَ الْإِنْسَانُ أَشَدَّ اعْتِنَاءً بِذَلِكَ وَأَكْثَرَ ذَوْقًا وَمُبَاشَرَةً ظَهَرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ. وَالْحَيَاةُ الْمُطْلَقَةُ التَّامَّةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِكُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ، وَالْقَيُّومِيَّةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِكُلِّ صِفَةِ فِعْلٍ، وَكَمَالُهَا بِكِمَالِ الْحَيَاةِ، فَالتَّوَسُّلُ بِهَاتَيْنِ الصِّفَّتَيْنِ يُؤَثِّرُ فِي إزَالَةِ مَا يُضَادُّ الْحَيَاةَ وَيَضُرُّ بِالْأَفْعَالِ.
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١]» .

1 / 145