232

Adab Nabawi

الأدب النبوي

Publisher

دار المعرفة

Edition Number

الرابع

Publication Year

١٤٢٣ هـ

Publisher Location

بيروت

Genres

والغضب والإزدراء بالناس واغتيابهم ويجافي بين المرء وبين الصدق وكظم الغيظ وقبول النصح، والوقوف على ما يكون فيه من عيب. واستفادة العلم والانقياد للحق، ومنشأ ذلك استحقاره واستصغاره ولذلك قال رسول الله ﷺ: «الكبر بطر الحق وغمص الخلق» أي رد الحق والمماراة فيه وازدراء الناس. [أسباب الكبر] وللكبر أسباب كثيرة: منها العلم: وما أسرع الكبر إلى العلماء، فلا يلبث أحدهم أن يستشعر في نفسه كمال العلم فيستعظم نفسه ويستحقر الناس ويستجهلهم، وذلك بأن ما هو عليه ليس بعلم حقيقي لأن العلم الحقيقي ما يعرف العبد ربه ونفسه وخطر أمره وهذا يورث الخشية والتواضع قال تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «١» أو بأنه سيء النحيزة «٢» خبيث الدخلة «٣» فلا يزيده العلم إلا خبثا وسوآ. ومنها الحسب والنسب: فيتكبر من يعرف له علو نسب على من دونه وربما يأنف «٤» من مخالطة الناس ومجالستهم، ويجري على لسانه التفاخر بنسبه، ولقد روي أن أبا ذر ﵁ قال: قاولت رجلا عند النبي ﷺ فقلت له: يا ابن السوداء فغضب ﷺ وقال: «يا أبا ذر ليس لإبن البيضاء على ابن السوداء فضل» . ومنها المال والقوة والاتباع والعشيرة: ففي هذا الحديث يبين لنا الرسول ﷺ سببا من أسباب الخيلاء، والعجب وهو جر الثوب وإطالته تيها من الرجل أو المرأة ولو كان اللبس مع التشمير لأنه يضر بالنفس في الدنيا حيث يكسب المقت من الناس وإضاعة المال، وفي الآخرة حيث يكسب الإثم. أما من قصد إظهار نعمة الله عليه شاكرا عليها غير محتقر لمن ليس مثله فلا يضره ما لبس من المباحات قال ﵊: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة» «٥»، وقال ابن عباس: «كل ما شئت والبس ما

(١) سورة فاطر، الآية: ٢٨. (٢) النحيزة: الطبيعة. (٣) الدّخلة: الباطن. (٤) يأنف: يستكبر ويتعالى. (٥) رواه البخاري في كتاب: اللباس، باب: قول الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ. معلقا.

1 / 236