[باب آداب المشي إلى الصلاة] آداب المشي إلى الصلاة باب آداب المشي إلى الصلاة (١) يسن الخروج إليها متطهرا بخشوع لقوله ﷺ: «إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة» وأن يقول إذا خرج من بيته ولو لغير الصلاة: «بسم الله، آمنت بالله اعتصمت بالله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي» . _________ (١) لم يذكر المصنف ﵀ كتاب أحكام الوضوء وشروط الصلاة قبل باب آداب المشي إلى الصلاة اكتفاء برسالة شروط الصلاة المتضمنة لذلك كله وقد جرت العادة بقراءتها قبل هذا الكتاب فكأنها جزء منه.

1 / 3

وأن يمشي إليها بسكينة ووقار لقوله ﷺ: «وإذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا» وأن يقارب بين خطاه ويقول:

1 / 4

«اللهم إني أسألك بحق (١) السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، ويقول: «اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا، واجعل في بصري نورا وفي سمعي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا وفوقي نورا وتحتي نورا؛ اللهم أعطني نورا وزدني نورا» . فإذا دخل المسجد استحب له أن يقدم رجله اليمنى ويقول: «بسم الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. اللهم صل على محمد. اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك» . _________ (١) قوله أسألك بحق السائلين. إلخ قد ورد بذلك حديث ولم يجزم تقي الدين بن تيمية بصحته وذكر غيره أن في سنده (عطية العوفي) وهو شيعي مدلس فلا يعتد بنقله، وعلى تقدير صحته فقد أوله العلماء بأن حق السائلين الإجابة وحق ممشاي الإثابة ونحو ذلك وإجابة الدعاء والإثابة على الأعمال الصالحة من الله تعالى فلا يحتج به على سؤال الله بأحد من خلقه فهو منهي عنه غير جائز.

1 / 5

وعند خروجه يقدم رجله اليسرى ويقول: «وافتح لي أبواب فضلك» . وإذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، لقوله ﷺ: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» ويشتغل بذكر الله أو يسكت، ولا يخوض في حديث الدنيا؛ فما دام كذلك فهو في صلاة والملائكة تستغفر له ما لم يؤذ أو يحدث. [باب صفة الصلاة] باب صفة الصلاة يستحب أن تقوم إليها عند قول المؤذن: قد

1 / 6

قامت الصلاة إن كان الإمام في المسجد وإلا إذا رآه؛ قيل للإمام أحمد: قبل التكبير تقول شيئا؟ قال: لا؛ إذ لم ينقل عن النبي ﷺ ولا عن أحد من أصحابه، ثم يسوى الإمام الصفوف بمحاذاة المناكب والأكعب. ويسن تكميل الصف الأول فالأول وتراص المأمومين وسد خلل الصفوف، ويمنة (١) كل صف أفضل، وقرب الأفضل (٢) من الإمام لقوله ﷺ: «ليليني منكم أولو الأحلام والنهى» وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير _________ (١) بفتح الياء كاليسرة بفتحها أيضا. (٢) أي قرب الرجل الأفضل بسبب العلم وحفظ القرآن ونحو ذلك.

1 / 7

صفوف النساء آخرها وشرها أولها، ثم يقول وهو قائم مع القدرة: (الله أكبر) لا يجزئه غيرها، والحكمة في افتتاحها بذلك ليستحضر عظمة من تقوم بين يديه فيخشع، فإن مد همزة " الله " أو " أكبر " أو قال " أكبار " لم تنعقد (١) والأخرس يحرم بقلبه ولا يحرك لسانه وكذا حكم القراءة والتسبيح وغيرهما (٢) . [جهر الإمام بالتكبير] ويسن جهر الإمام بالتكبير لقوله ﷺ: «إذا كبر الإمام فكبروا» وبالتسميع لقوله: «وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد» . _________ (١) والأكبار جمع كبر فتح الكاف وهو الطبل. (٢) كالتحميد والتسميع والتشهد والسلام يأتي به الأخرس بقلبه، لا يحرك لسانه.

1 / 8

ويسر مأموم ومنفرد ويرفع يديه ممدودتي الأصابع مضمومة ويستقبل ببطونهما القبلة إلى حذو (١) منكبيه إن لم يكن عذر ورفعهما إشارة إلى كشف الحجاب بينه وبين ربه، كما أن السبابة إشارة إلى الوحدانية، ثم يقبض كوعه الأيسر بكفه الأيمن ويجعلهما تحت سرته ومعناه ذل بين يدي ربه ﷿، ويستحب نظره إلى موضع سجوده في كل حالات الصلاة إلا في التشهد فينظر إلى سبابته. ثم يستفتح سرا فيقول: «سبحانك: اللهم، وبحمدك» ومعنى - سبحانك اللهم - أي _________ (١) حذو: مقابل، والمنكب بفتح الميم وكسر الكاف مجمع عظم العضد والكتف.

1 / 9

أنزهك التنزيه اللائق بجلالك يا ألله، وقوله وبحمدك، قيل معناه: أجمع لك بين التسبيح والحمد «وتبارك اسمك» أي البركة تنال بذكرك «وتعالى جدك» أي جلت عظمتك «ولا إله غيرك» أي لا معبود في الأرض ولا في السماء بحق سواك يا ألله، ويجوز الاستفتاح بكل ما ورد (١) ثم يتعوذ سرا فيقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، وكيفما تعوذ من الوارد فحسن، ثم يبسمل سرا، وليست من الفاتحة ولا غيرها بل آية من القرآن قبلها وبين كل سورتين سوى _________ (١) قال الشيخ تقي الدين: الأفضل أن يأتي بكل نوع أحيانا.

1 / 10

" براءة " (١) ويسن كتابتها أوائل الكتب كما كتبها سليمان ﵇، وكما كان النبي ﷺ يفعل، وتذكر في ابتداء جميع الأفعال وهي تطرد الشيطان قال أحمد: لا تكتب أمام الشعر ولا معه (٢) ثم يقرأ الفاتحة مرتبة متوالية مشددة، وهي ركن في كل ركعة كما في الحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» وتسمى أم القرآن لأن فيها الإلهيات والمعاد والنبوات، وإثبات القدر، فالآيتان _________ (١) فيكره ابتداؤها بها قيل لأنها مع الأنفال سورة واحدة فلا يفصل بينهما بها، وقيل لنزولها بالسيف. (٢) قال القاضي: لأنه يشوبه الكذب والهجوم غالبا، وأما النظم في الفقه والتوحيد والنحو ونحو ذلك فأجاز العلماء كتابتها أمامه لعدم العلة التي ذكرها القاضي.

1 / 11

الأوليان يدلان على الإلهيات و﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٤] يدل على المعاد وإياك نعبد ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] يدل على الأمر والنهي والتوكل وإخلاص ذلك كله لله، وفيها التنبيه على طريق الحق وأهله المقتدى بهم والتنبيه على طريق الغي والضلال. ويستحب أن يقف عند كل آية لقراءته ﷺ وهي أعظم سورة في القرآن، وأعظم آية فيه الكرسي وفيها إحدى عشرة تشديدة. ويكره الإفراط في التشديد والإفراط في المد، فإذا فرغ قال: " آمين " بعد سكتة لطيفة ليعلم أنها ليست من القرآن ومعناها اللهم استجب، يجهر بها إمام ومأموم معا في صلاة

1 / 12

جهرية، ويستحب سكوت الإمام بعدها في صلاة جهرية لحديث سمرة، ويلزم الجاهل تعلمها، فإن لم يفعل مع القدر لم تصح صلاته، ومن لم يحسن شيئا منها ولا من غيرها من القرآن لزمه أن يقول: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» لقوله ﷺ: «إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وهلله وكبره ثم اركع» رواه أبو داود والترمذي، ثم يقرأ البسملة سرا، ثم يقرأ سورة كاملة ويجزئ آية إلا أن أحمد استحب أن تكون طويلة (١) فإن _________ (١) كآية الدين وآية الكرسي فإن قرأ من أثناء سورة فلا بأس أن يبسمل.

1 / 13

كان في غير الصلاة فإن شاء جهر بالبسملة وإن شاء أسر. وتكون السورة في الفجر من طوال المفصل وأوله (ق) لقول أوس: سألت أصحاب محمد ﷺ كيف تحزبون القرآن؟ قالوا ثلاثا، وخمسا وسبعا وتسعا، وإحدى عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل واحد، ويكره أن يقرأ في الفجر من قصاره من غير عذر كسفر ومرض ونحوهما (١) ويقرأ في المغرب من قصاره ويقرأ فيها بعض الأحيان من طواله لأنه ﷺ قرأ فيها بالأعراف (٢) . _________ (١) كغلبة نعاس وخوف لمخالفته السنة. (٢) فرقها في الركعتين.

1 / 14

ويقرأ في البواقي من أوساطه إن لم يكن عذر " (١) وإلا قرأ بأقصر منه، ولا بأس بجهر (٢) امرأة في الجهرية إذا لم يسمعها أجنبي، والمتنفل في الليل يراعي المصلحة فإن كان قريبا منه من يتأذى بجهر أسر وإن كان ممن يستمع له جهر، وإن أسر في جهر وجهر في سر بنى على قراءته. وترتيب الآيات واجب لأنه بالنص وترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء فتجوز قراءة هذه قبل هذه، ولهذا _________ (١) أي من مرض وسفر ونحوهما. (٢) ويكره الجهر بالقراءة لمأموم ويخير منفرد وقائم لقضاء ما فاته بعد سلام إمامه بين جهر وإخفات.

1 / 15

تنوعت مصاحف الصحابة في كتابتها وكره أحمد قراءة حمزة والكسائي والإدغام الكبير لأبي عمرو، ثم يرفع يديه كرفعه الأول بعد فراغه من القراءة وبعد أن يثبت قليلا حتى يرجع إليه نفسه، ولا يصل قراءته بتكبير الركوع، فيكبر فيضع يديه مفرجتي الأصابع على ركبتيه ملقما كل يد ركبة ويمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حياله لا يرفعه ولا يخفضه لحديث عائشة ويجافي مرفقيه عن جنبيه لحديث أبي حميد، ويقول في ركوعه: (سبحان ربي العظيم) لحديث حذيفة رواه مسلم، وأدنى الكمال ثلاث وأعلا في حق الإمام عشر وكذا حكم سبحان ربي الأعلى في السجود، ولا يقرأ في

1 / 16

الركوع والسجود لنهيه ﷺ عن ذلك، ثم يرفع رأسه ويرفع يديه كرفعه الأول قائلا، إمام ومنفرد: (سمع الله لمن حمده) وجوبا (١) ومعنى سمع استجاب فإذا استتم قائما قال: «ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد» (٢) وإن شاء زد «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» وله أن يقول غيره مما ورد. وإن شاء قال: «اللهم ربنا لك الحمد» _________ (١) ثم إن شاء أرسل يديه من غير وضع إحداهما على الأخرى، وإن شاء وضع يمينه وشماله. (٢) أي كالكرسي وغيره مما لا يعلم سعته إلا الله تعالى.

1 / 17

بلا واو لوروده في حديث أبي سعيد وغيره، فإن أدرك المأموم الإمام في هذا الركوع فهو مدرك للركعة، ثم يكبر ويخر ساجدا ولا يرفع يديه، فيضع ركبتيه ثم يديه ثم وجهه ويمكن جبهته وأنفه وراحتيه من الأرض ويكون على أطراف أصابع رجليه موجها أطرافها إلى القبلة، والسجود على هذه الأعضاء السبعة ركن، ويستحب مباشرة المصلى (١) ببطون كفيه، وضم أصابعهما موجهة إلى القبلة غير مقبوضة رافعا مرفقيه. [الصلاة في مكان شديد الحر أو شديد البرد] وتكره الصلاة في مكان شديد الحر أو شديد _________ (١) بفتح اللام أي موضع الصلاة.

1 / 18

البرد لأنه يذهب الخشوع، ويسن للساجد أن يجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويضع يديه حذو منكبيه، ويفرق بين ركبتيه ورجليه. ثم يرفع رأسه مكبرا ويجلس مفترشا، يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويخرجها من تحته ويجعل بطون أصابعها إلى الأرض لتكون أطراف أصابعها إلى القبلة؛ لحديث أبي حميد في صفة صلاة النبي ﷺ باسطا يديه على فخذيه مضمومة الأصابع، ويقول: «رب اغفر لي» ولا بأس بالزيادة لقول ابن عباس: «كان النبي ﷺ يقول بين السجدتين " رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني» رواه أبو داود. ثم

1 / 19

يسجد الثانية كالأولى وإن شاء دعا فيه لقوله ﷺ: «وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» رواه مسلم، وله عن أبي هريرة «أن رسول الله ﷺ كان يقول في سجوده: " اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيه وسره» . ثم يرفع رأسه مكبرا قائما على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه لحديث وائل إلا أن يشق لكبر أو مرض أو ضعف (١) ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح، ولو لم يأت به في الأولى. _________ (١) أي فيعتمد على الأرض.

1 / 20

ثم يجلس للتشهد مفترشا جاعلا يديه على فخذيه باسطا أصابع يسراه مضمومة مستقبلا بها القبلة قابضا من يمناه الخنصر والبنصر محلقا إبهامه مع وسطاه، ثم يتشهد سرا ويشير بسبابته اليمنى (١) في تشهده إشارة إلى التوحيد ويشير بها أيضا عند دعائه في صلاة وغيرها؛ لقول ابن الزبير: «كان النبي ﷺ يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها» . رواه أبو داود، فيقول: «التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله»، _________ (١) أي مرار أكل مرة عند ذكر لفظ الله تنبها على التوحيد.

1 / 21

، وأي تشهد تشهده مما صح عن النبي ﷺ جاز، والأولى تخفيفه وعدم الزيادة عليه وهذا التشهد الأول، ثم إن كانت الصلاة ركعتين فقط صلى على النبي ﷺ فيقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، ويجوز أن يصلى على النبي ﷺ مما ورد، وآل محمد: أهل بيته (١) وقوله (التحيات) _________ (١) قوله (أهل بيته) هذا أحد الوجوه في معنى الآل. وقال في الإقناع الذي هو أصل هذا الكتاب: وآله أتباعه على دينه، قال الشارح كان لم يكونوا من أقاربه ثم استدل بما يطول ذكره وهذا في مقام الدعاء كما هنا، وأما في مقام تحريم الزكاة على آله فالمراد بهم بنو هاشم وبنو المطلب، أو بنو هاشم فقط والبحث مفصل في محله.

1 / 22