هو درامة عن التطور، وعن مصداق كلمة نيتشه: «الإنسان جسر تعبر عليه الطبيعة من القرد إلى السبرمان.»
وظني أن هذه الدرامة يمكن أن تغير العقول الشرقية العتيقة المستسلمة وتحيلها إلى عقول عصرية متسائلة، بل هي أشبه الأشياء بالسائل المعقم الذي يقتل، يمحو العادات المتعفنة التي تحول دون الاجتراء على التفكير البكر، هذا التفكير البكر الذي نجده في إخناتون حين رفض الإيمان بعقائد أسلافه، وعقائد السذج من العامة، والمكرة من الكهنة، وأعلن بأنه يؤمن بإله واحد لا يشاركه آخر.
إننا في حاجة إلى الاجتراء، وهذه الدرامة تجرئنا. •••
وكتاب آخر يمكن أن نترجمه، بل قد ترجم بعضه في بيروت، هو قصة «الإخوة كارامازوف» للمؤلف الروسي دستوفسكي.
وهو أعظم قصة كتبها أديب، وهي قصة الإحساس الذكي، والديانة الإنسانية، واستقطار السعادة من الألم، والنظرة الإخائية للبشر، والحب للطبيعة والإنسان.
ولكن وصفي لها بهذه الكلمات هو أتفه وصف؛ لأن الواقع أننا نعجز عن وصف الفن الرائع، وقصارى ما نقول عنه أننا لم نعرف شيئا أسمى منه؛ إذ نقف معجبين ذاهلين نتنهد ونتأمل.
هو قصة تجري حوادثها بين أشخاص عقلاء ومرضى أو مجانين، نجد فيها الإجرام والفلسفة، والعقل والبلاهة، والقداسة التي تعود إلى النجاسة.
ماذا أقول؟
هل يمكن إنسانا أن يرتفع إلى القمم الإنسانية حتى يتقدس إلا بعد أن يكون قد هوى إلى حضيض الحيوانية حتى تدنس؟!
خلاصة ما أقول أن هذه القصة هي أعظم ما قرأت في حياتي، ولكني أعجز عن تعليل هذه العظمة. •••
Unknown page