وكان يقول: روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده ! لا يدخل الجنة إلا رحيم))، قالوا: كلنا رحيم يا رسول الله! قال: ((ليس رحمة أحدكم نفسه وولده وخاصته، ولكن العامة)) ورفع بها صوته.
وكان يقول: روي أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: ألا أنبئكم بخير الناس؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين! قال: من طال عمره، وحسن عمله، ورجي خيره، ولم يخف شره، ثم قال: ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا: بلى، قال: من طال عمره، وساء عمله، ولم يرج خيره، ولم يؤمن شره.
وكان يقول: إن الرجل ليسمع الباب من العلم، فيعمل به، فيكون خيرا له من أن لو كانت له الدنيا فوضعها في الآخرة.
وذكر أنه رأى قوما في وقت القائلة لا يقيلون، فقال: ما لهؤلاء لا يقيلون؟ إني لأحسب ليلهم ليل سوء.
وكان يقول: حادثوا هذه القلوب؛ فإنها سريعة الدثور، واقرعوا هذه الأنفس؛ فإنها طامحة، فإنكم إلا تمنعوها، تنزع بكم إلى شر غاية.
وقيل له: يا أبا سعيد! ما تقول في الشفاعة؟ أحق هي؟ فقال: نعم، قيل له: فإن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها}، قال: هو كما قال سبحانه وتعالى، قيل له: فبم دخل من دخل فيها، وبم خرج؟ فقال: كانوا أصابوا ذنوبا من الدنيا أخذهم الله بها، ثم أخرجهم بما علم في قلوبهم من الإيمان والتصديق.
Page 130