195

Adab Carab

أدب العرب: مختصر تاريخ نشأته وتطوره وسير مشاهير رجاله وخطوط أولى من صورهم

Genres

قصيدته هذه رقيقة العاطفة والتصور والألفاظ، غير أنها قليلة الخيال. (2) الإنشاء الخطابي والخطباء

دواعي الخطابة:

العربي فصيح، ذرب اللسان يحب الكلام، معجب بلغته فيطيل الكلام ويحب سماعه، يدلك على ذلك حوار العرب ومجادلاتهم واختصامهم، ولذلك عولوا على القول واعتنوا به ليؤثروا كما يتأثرون هم، واتخذوا الكلام سلاحا للفوز.

ومن أسباب عنايتهم أن الدين الإسلامي اجتماعي قبل كل شيء، عني بالجماعة أشد اعتناء فجمعها في الصلاة والحج والأعياد والشورى، فاضطر الحاكم لمحادثة المحكومين وبالعكس.

وعندما ظهر الإسلام ظهر له خصوم وأنصار، فاشتد الجدال في المجتمعات، وعني بالكلام سلاح الحجة والإقناع.

وبعد موت النبي كثرت مصالح الإسلام بتكاثر الفتوح، واختلفت الآراء واحتاجوا إلى التشاور والتناظر، ثم كانت الفتن والأحزاب السياسية والخصومة والجهاد، واحتاج الزعماء إلى مشاورة أنصارهم ومجادلتهم في الآراء وتدبير الخطط.

ولما ضعف أمر الأحزاب وأغمدت السيوف، سلت الألسنة مكانها فكان المعارضون الأذكياء، فاضطر الخلفاء أن يدافعوا عن سياستهم حينا باللسان وأحيانا بالسيف.

كل هذه الظروف جعلت حظ العرب من الخطابة في هذا العصر وافرا، ولم تبلغ أمة قديمة هذا المبلغ إلا اليونان والرومان. وأسبابها عندهما تشبه أسبابها عند العرب، فالخطابة لا تقوى إلا في البيئات التي يعظم حظها من الحياة الاجتماعية من جهة، ويعترف فيها بحرية الفرد من جهة ثانية. وهذان الأمران ضمنهما الإسلام للعرب، فكرامة الفرد كانت فيه موفورة، وقد لاءم بين حرية الفرد وسلطة الحكومة.

وحدة طباع العرب ومزاجهم وفصاحتهم وخصب شعورهم؛ أظهر فيهم خطباء مفوهين، ولم يضعف أمر الخطابة إلا عندما فسد هذا النظام في العصر العباسي فتجاوز سلطان الدولة حد الاعتدال وأفنى حرية الفرد أو كاد.

لغة الخطابة:

Unknown page