Adab al-qāḍī
أدب القاضي
Editor
جهاد بن السيد المرشدي
Publisher
دار البشير
Edition
الثانية
Publication Year
1444 AH
Publisher Location
الشارقة
Genres
فَأَرَادَ اسْتِخْلافَهُ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي: قَلْ وَاللهِ. لِيَسْتَحْلِفَهُ، فَسَكَتَ عَنِ الْقَاضِي فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ الْقَاضِي يَقُوْلُ لَهُ: إنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ الْيَمِينَ ثلاثًا، فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ حَكَمْتُ عَلَيْكَ بِمَا ادَّعَى. ثُمَّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثلاثًا، فَإِنْ حَلَفَ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ أنْ يَكُونَ الرَّجُلُ صَحِيحًا، لَمْ تَنْزِلْ بِهِ آَفَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ الْكَلامِ.
وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ قَدَّمَهُ أوَّلًا إِلَى الْقَاضِي ادَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ لَهُ قِبَلَهُ، فَسَأَلَهُ الْقَاضِي عَنْ دَعْوَاهُ فَسَكَتَ، فَلَمْ يُجِبِ الْقَاضِي بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ، فَأَقْبَلَ كُلَّمَا كَلَّمَهُ الْقَاضِي بِشَيْءٍ لَمْ يُجِبْهُ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَإِنَّ الْقَاضِي يَأْمُرُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيْلًا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ قِصَّتِهِ وَحَالِهِ، وَهَلْ بِهِ آَفَةٌ تَمْنَعُهُ مِنَ السَّمَاعِ وَالْكَلامِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَتْ بِهِ آفَةٌ فَأَعَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَانِيَةً، فَإِنَّهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الدَّعْوَى وَيَقُولُ: إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ ثلاثًا، فَإِنْ حَلَفْتَ عَلَى دَعْوَى هَذَا الرَّجُل عَلَيْكَ، وَإِلَّا أَلْزَمْتُكَ ذَلِكَ وَحَكَمْتُ عَلَيْك بِهِ، ثُمَّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ ثلاثًا، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا إِذَا تَبَيَّنَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِأَخْرَسَ وَلَا أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ الْكَلامَ [ق/ ٢٩أ] ، وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ صَحِيحٌ لَا آَفَةَ بِهِ.
وَلَوْ أَنَّ الْمُدَّعِي قَدَّمَهُ فَادَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعِيهِ فَامْتَنَعَ مِنَ الْيَمِينِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، فَلَمَّا عَرَضَ عَلَيْهِ الثَّانِيَةَ، كَلَّمَ الْمُدَّعِي وسَأَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ، فَأَخَّرَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ عَرْضَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْمَرَّةِ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ، أَلْزَمَهُ الْحَقَّ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِي.
وكَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ يَدَّعِيهِ رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ، فَيَنْكُلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَاضِي يُلْزِمُهُ ذَلِكَ الدَّعْوَى، وَيَحْكُمُ بِهَا عَلَيْهِ، إلَّا فِي الْقَوَدِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَمَّا الْقَتْلُ الْعَمْدُ إِذَا
161