Adab al-dunyā waʾl-dīn
أدب الدنيا والدين
Publisher
دار مكتبة الحياة
Edition
الأولى
Publication Year
1407 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Sufism
رَسُولَ اللَّهِ مَا يَكْفِينِي مِنْ الدُّنْيَا؟ قَالَ: مَا يَسُدُّ جَوْعَتَك، وَيَسْتُرُ عَوْرَتَك. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ حَمَّادًا فَبَخٍ بَخٍ فَلْقٌ مِنْ خُبْزٍ وَجُزْءٌ مِنْ مَاءٍ وَأَنْتَ مَسْئُولٌ عَمَّا فَوْقَ الْإِزَارِ» .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿إذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا﴾ [المائدة: ٢٠] . أَنَّ كُلَّ مَنْ مَلَكَ بَيْتًا وَزَوْجَةً وَخَادِمًا فَهُوَ مَلِكٌ.
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ وَخَادِمٌ فَهُوَ مَلِكٌ» . وَهُوَ فِي الْمَعْنَى صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ بِالزَّوْجَةِ وَالْخَادِمِ مُطَاعٌ فِي أَمْرِهِ، وَفِي الدَّارِ مَحْجُوبٌ إلَّا عَنْ إذْنِهِ. وَلَيْسَ عَلَى مَنْ طَلَبَ الْكِفَايَةَ وَلَمْ يُجَاوِزْ تَبَعَاتِ الزِّيَادَةِ إلَّا تَوَخِّي الْحَلَالَ مِنْهُ، وَإِجْمَالَ الطَّلَبِ فِيهِ، وَمُجَانَبَةَ الشُّبْهَةِ الْمُمَازَجَةِ لَهُ.
وَقَدْ رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، فَدَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك، فَلَنْ تَجِدَ فَقْدَ شَيْءٍ تَرَكْتَهُ لِلَّهِ» . «وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ الزُّهْدِ فَقَالَ: أَمَا إنَّهُ لَيْسَ بِإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَلَا تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَكِنْ أَنْ تَكُونَ بِمَا بِيَدِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْك بِمَا فِي يَدِيك، وَأَنْ يَكُونَ ثَوَابُ الْمُصِيبَةِ أَرْجَحَ عِنْدَك مِنْ بَقَائِهَا» .
وَحَكَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى الْجَرَّاحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيِّ: إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَدَعَ مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَك مَا يَكُونُ حَاجِزًا بَيْنَك وَبَيْنَ الْحَرَامِ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ مَنْ اسْتَوْعَبَ الْحَلَالَ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلَى الْحَرَامِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه: ١٢٤] .
فَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي كَسْبًا حَرَامًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ إنْفَاقُ مَنْ لَا يُوقِنُ بِالْخَلَفِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: الدِّرْهَمُ عَقْرَبُ فَإِنْ أَحْسَنْتَ رُقْيَتَهَا وَإِلَّا فَلَا تَأْخُذْهَا. وَقِيلَ: مَنْ قَلَّ تَوَقِّيهِ كَثُرَتْ مَسَاوِئُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: خَيْرُ الْأَمْوَالِ مَا أَخَذْته مِنْ الْحَلَالِ وَصَرَفْته فِي النَّوَالِ، وَشَرُّ الْأَمْوَالِ مَا أَخَذْته مِنْ الْحَرَامِ، وَصَرَفْته فِي الْآثَامِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ الْفَقِيهُ
1 / 215