Adab Dunya Wa Din

al-Mawardi d. 450 AH
150

Adab Dunya Wa Din

أدب الدنيا والدين

Publisher

دار مكتبة الحياة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1407 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Sufism
وَقَالَ آخَرُ: يَخُونُك ذُو الْقُرْبَى مِرَارًا وَرُبَّمَا ... وَفَّى لَك عِنْدَ الْعَهْدِ مَنْ لَا تُنَاسِبُهْ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى اصْطِفَاءِ الْإِخْوَانِ سَبَرَ أَحْوَالَهُمْ قَبْلَ إخَائِهِمْ، وَكَشَفَ عَنْ أَخْلَاقِهِمْ قَبْلَ اصْطِفَائِهِمْ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْحُكَمَاءِ: أَسْبِرْ تُخْبَرْ. وَلَا تَبْعَثُهُ الْوَحْدَةُ عَلَى الْإِقْدَامِ قَبْلَ الْخِبْرَةِ، وَلَا حُسْنُ الظَّنِّ عَلَى الِاغْتِرَارِ بِالتَّصَنُّعِ. فَإِنَّ الْمَلَقَ مَصَائِدُ الْعُقُولِ، وَالنِّفَاقَ تَدْلِيسُ الْفِطَنِ، وَهُمَا سَجِيَّةُ الْمُتَصَنِّعِ. وَلَيْسَ فِيمَنْ يَكُونُ النِّفَاقُ وَالْمَلْقُ بَعْضَ سَجَايَاهُ خَيْرٌ يُرْجَى، وَلَا صَلَاحُ يُؤَمَّلُ. وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: اعْرِفْ الرَّجُلَ مِنْ فِعْلِهِ لَا مِنْ كَلَامِهِ، وَاعْرِفْ مَحَبَّتَهُ مِنْ عَيْنِهِ لَا مِنْ لِسَانِهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: إنَّمَا أَنْفَقْت عَلَى إخْوَانِي؛ لِأَنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْ مَعَهُمْ النِّفَاقَ وَلَا قَصَّرْت بِهِمْ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ. وَقَالَ حَمَّادُ عَجْرَدُ: كَمْ مِنْ أَخٍ لَك لَيْسَ تُنْكِرُهُ ... مَا دُمْت فِي دُنْيَاك فِي يَسْرِ مُتَصَنِّعٌ لَك فِي مَوَدَّتِهِ ... يَلْقَاك بِالتَّرْحِيبِ وَالْبِشْرِ فَإِذَا عَدَا وَالدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ ... دَهْرٌ عَلَيْك عَدَا مَعَ الدَّهْرِ فَارْفُضْ بِإِجْمَالٍ مَوَدَّةَ مَنْ ... يَقْلِي الْمُقِلَّ وَيَعْشَقُ الْمُثْرِي وَعَلَيْك مَنْ حَالَاهُ وَاحِدَةٌ ... فِي الْعُسْرِ إمَّا كُنْت وَالْيُسْرِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ مَوْسُومٌ بِسِيمَاءِ مَنْ قَارَبَ، وَمَنْسُوبٌ إلَيْهِ أَفَاعِيلُ مَنْ صَاحَبَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ» . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁: الصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁: مَا مِنْ شَيْءٍ أَدَلُّ عَلَى شَيْءٍ وَلَا الدُّخَانِ عَلَى النَّارِ مِنْ الصَّاحِبِ عَلَى الصَّاحِبِ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: اعْرِفْ أَخَاك بِأَخِيهِ قَبْلَك. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: يُظَنُّ بِالْمَرْءِ مَا يُظَنُّ بِقَرِينِهِ. وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

1 / 165