Adab Dunya Wa Din

al-Mawardi d. 450 AH
139

Adab Dunya Wa Din

أدب الدنيا والدين

Publisher

دار مكتبة الحياة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1407 AH

Publisher Location

بيروت

Genres

Sufism
أَوْكَدِ أَسْبَابِ الْأُلْفَةِ. وَفِيهَا تَأْوِيلٌ آخَرُ قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ﵀: أَنَّ الْمَوَدَّةَ النِّكَاحُ، وَالرَّحْمَةَ الْوَلَدُ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاَللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ [النحل: ٧٢] . اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْحَفَدَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: هُمْ أَخْتَانُ الرَّجُلِ عَلَى بَنَاتِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ﵄: هُمْ وَلَدُ الرَّجُلِ وَوَلَدُ وَلَدِهِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُمْ بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِهِ، وَسُمُّوا حَفَدَةً لِتَحَفُّدِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ وَسُرْعَتِهِمْ فِي الْعَمَلِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْقُنُوتِ، وَإِلَيْك نَسْعَى، وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ إلَى الْعَمَلِ بِطَاعَتِك. وَلَمْ تَزَلْ الْعَرَبُ تَجْتَذِبُ الْبُعَدَاءَ، وَتَتَأَلَّفُ الْأَعْدَاءَ بِالْمُصَاهَرَةِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُنَافِرُ مُؤَانِسًا، وَيَصِيرَ الْعَدُوُّ مُوَالِيًا، وَقَدْ يَصِيرُ لِلصِّهْرِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أُلْفَةٌ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ وَمُوَالَاةٌ بَيْنَ الْعَشِيرَتَيْنِ. حُكِيَ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبْغَضُ خَلْقِ اللَّهِ ﷿ إلَيَّ آلَ الزُّبَيْرِ حَتَّى تَزَوَّجْت مِنْهُمْ أَرْمَلَةً فَصَارُوا أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ ﷿ إلَيَّ. وَفِيهَا يَقُولُ: أُحِبُّ بَنِي الْعَوَّامِ طُرًّا لِأَجْلِهَا ... وَمِنْ أَجْلِهَا أَحْبَبْت أَخْوَالَهَا كَلْبَا فَإِنْ تُسْلِمِي نُسْلِمْ وَإِنْ تَتَنَصَّرِي ... يَحُطُّ رِجَالٌ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ صُلْبَا وَلِذَلِكَ قِيلَ: الْمَرْءُ عَلَى دَيْنِ زَوْجَتِهِ، لِمَا يَسْتَنْزِلُهُ الْمَيْلُ إلَيْهَا مِنْ الْمُتَابَعَةِ، وَيَجْتَذِبُهُ الْحُبُّ لَهَا مِنْ الْمُوَافَقَةِ، فَلَا يَجِدُ إلَى الْمُخَالَفَةِ سَبِيلًا، وَلَا إلَى الْمُبَايَنَةِ وَالْمُشَاقَّةِ طَرِيقًا. وَإِذَا كَانَتْ الْمُصَاهَرَةُ لِلنِّكَاحِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِنْ الْأُلْفَةِ فَقَدْ يَنْبَغِي لِعَقْدِهَا أَحَدُ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ: الْمَالُ وَالْجَمَالُ وَالدِّينُ وَالْأُلْفَةُ وَالتَّعَفُّفُ. وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا، فَعَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» .

1 / 154