149

Aʿyān al-ʿaṣr wa aʿwān al-naṣr

أعيان العصر و أعوان النصر

Editor

الدكتور علي أبو زيد، الدكتور نبيل أبو عشمة، الدكتور محمد موعد، الدكتور محمود سالم محمد

Publisher

دار الفكر المعاصر،بيروت - لبنان،دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Publisher Location

دمشق - سوريا

جملًا في نهاية، وكان السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في محبته متغاليًا، ولم يره الناس في وقت منه خاليًا، كان يومًا نائمًا على فخذ السلطان وقد عزم على الركوب، وأحضرت الخيل والعساكر تنتظر قيامه والوثوب، وأبوه بكتمر واقفًا خجلًا، وقلبه يخفق وجلًا، وكلما هم بأخذه يمنعه، ويكابده في أمره ويخدعه، فقال: يا خوند، الناس في خدمتك وإلا في خدمته؟ فقال: ما أركب حتى ينتبه أحمد من نومته، وكان الناس يظنون أنه ابن السلطان يقينًا، ويقولن: ما رأينا مثله عنده مكينًا، وأمره مئة، جعل مقدم ألفٍ مع صغر سنه، وجعل بعد ذلك شخصه في قلبه في كنه، وكان هو صغير ضعيف القائمة، لا يستطيع النهوض لعلةٍ له ملازمة، فلم يزل السلطان عليه بالأدوية والعقاقير، والمعالجة بأنواع من التداوي والتدابير، إلى أن نهض غصنه قويمًا، وانعطف قدّه من الميل سليمًا، وزاد حسنهُ وبهاؤه، وذهب عنه داؤه واقبل دواؤه، وصح من خمر الشباب انتشاؤه، وثبت إلى القمرين انتماؤه.
وزوجه السلطان بابنة الأمير المرحوم تنكز نائب الشام، وجرى ذلك العقد على أحسن ما يكون من النظام، حسبك بهذه الدرة الثمينة، وما جُمع من هذا القرين وهذه القرينة، وكان عرسها عرسًا ما فرحت به بوران، ولا كان للفك له دوران، ووقف السلطان بنفسه وفي يده العصار، ورتب السماط ترتيبًا خالف فيه العادة وعصى، اختلف بذلك زايدًا، وجعل هواه لنفسه قائدًا، له العذر فيما توهمه في ذلك من الحسن والزين، لأنهما ولدا مملوكيه العزيزين.

1 / 184