299

Afʿāl al-Rasūl ﷺ wa-dalālatuhā ʿalā al-aḥkām al-sharʿiyya

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition

السادسة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

خالفهم نظرًا لأنه ﷺ مبعوثٌ بالقرآن ليعمل به ويدعو إليه، قال الله تعالى: ﴿قل إنما أتّبع ما يوحى إليّ من ربي هذا بصائر من ربكم﴾ (١).
وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
الدرجة الثالثة: أن تكون المناسبة خفية جدًا. بحيث يكون اعتبار الفعل تطبيقًا للآية المعينة نوعًا من التحكُّم، فلا ينبغي المصير إليه.
المطلب الرابع
دلالة الفعل الامتثالي:
يقال هنا مثل ما تقدم قوله في الفعل البياني، من أن دلالته مؤكدة لدلالة النص الممتثل. والفعل حينئذ علامة على الحكم، وليس مؤثّرًا له. فيدل على الوجوب إن كان امتثالًا لواجب، وعلى الندب إن كان امتثالًا للندب، وإلاّ فعلى الإباحة، وقال أبو الحسن البصريّ: "إن امتثل ﷺ فيها (يعني أفعاله) طريقة معروفة لنا فإن ذلك لا يمنع من كون فعله دلالة لنا أيضًا على أننا متعبدون بمثله .. على حدٍّ لو انفرد أحدهما لفعلْنا الفعل لأجله".
وقد يفيد فوائد أخرى:
١ - فيجوز التخصيص بالفعل الامتثالي في مخالفة العموم، ومثاله أن النبي ﷺ صلّى بالمسجد الحرام، والناس يمرون بين يديه، خصّ به نهيه عن الصلاة إلاّ بسترة.
٢ - ويجوز التقييد به. فالأمر القرآني الوارد بغسل الأعضاء في الوضوء مطلق من جهة العدد، قيّده ﷺ بفعله، فغسل مرة ومرتين وثلاثًا ولم يزد. وقد أبى مالك اعتبار العدد. قال ابن قدامة: "الوضوء مرة مرة، والثلاث أفضل". هذا قول أكثر

(١) سورة الأعراف: آية ٢٠٣

1 / 308