ذلك على يديه في قتاله مع معاوية. ولو كان حقًا لظهر حينئذ. ولاستغنوا أيضًا عن التحكيم (١).
والذي نختاره، أن ذلك ممكن وأنه واقع.
أولًا: بدليل ما نقله القرآن العظيم من ذلك، فلو ادّعى مُدَّعٍ عدم صحة النقل فيما سواه، لم يمكن من مؤمنٍ إلا أن يؤمن بنقل الله. والله تعالى ذكر أن أصحاب الكهفِ: ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا﴾ (٢) نائمين لم يتناولوا طعامًا ولا شرابًا. وذكر عن صاحب سليمان أنه أتاه بعرش بلقيس قبل أن يرتد إليه طرفه. وإن كان في هذا الثاني احتمال (٣).
وأيضًا ذكر عن مريم أنها كانت: ﴿كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقًا قال يا مريم أنَّى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ (٤).
وثانيًا: بما نقل من ذلك في كتب السنة، وفي الصحيحين من ذلك جملة. وانظر أبواب فضائل الصحابة في الصحيحين وغيرهما من كتب السنة، تجد من ذلك أخبارًا إن لم تتواتر آحادها، فإنها متواترة معنويًا، لأنها متفقة في الدلالة على أنهم كانوا يصدقون بذلك وأمثاله.
إلاّ أننا مع ذلك نرى أن أكثر ما ينقل عن كثير ممن يدعون الولاية، أو تُدّعَى لهم، من خرقهم للعادات والسنن الكونية، كذب مفترى لا أصل له، أو له أصل من الحق وقد عظمه الاتباع المغلوبون على عقولهم وأفهامهم، أو هو من الباطل من
(١) المغني ١٥/ ٢٤١
(٢) سورة الكهف: آية ٢٥
(٣) سورة النمل: آية ٢٥
في تفسير الآية أن الذي أتى به هو سليمان نفسه، انظر، مثلًا، تفسير البغوي عند قوله تعالى: ﴿قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك﴾ من سورة النمل.
(٤) انظر الإرشاد للجويني ص ٣٢٠