201

Afʿāl al-Rasūl ﷺ wa-dalālatuhā ʿalā al-aḥkām al-sharʿiyya

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

السادسة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

وحيث تعارضا، فإن كان هناك قرائن تبيِّن أنه ﷺ فعل ما فعل، على سبيل السياسة، فالأمر واضح، وإيس منهلاّ امتنع أن يكون فعله له مكروهًا أو محرمًا، لأنه يؤدي إلى أن يستقر في الشريعة ما ليس منها. والله أعلم.
الشبهة الرابعة: أنه ﷺ قد يكون له عذر فيما فعل، أي أن يكون فعل الفعل على سبيل الرخصة، كأن يكون أفطر في رمضان، ويكون إفطاره لأجل مرض خفيّ.
ومثاله أيضًا: أن يكون قد صلّى في ملابسَ دونٍ، لقلة الملابس اللائقة بجلال الصلاة، فمن اقتدى به ﷺ في ترك الملابس الفاخرة في الصلاة، كان ذلك خطأ.
ومثاله أيضًا: مما ورد في السنن أن النبي ﷺ كان يكثر الإنفاق حتى لا يبقي شيئًا. ويتقشف في معيشته. يحتمل أن يكون ذلك للحاجات والضرورات الواقعة في المجتمع الإسلامي مما لا بدّ من الوفاء به. فإن اقتدي به في ذلك في السعة كان خطأ.
ونظير ذلك في الإقرار ما ورد عن أبيّ بن كعب أنه قال: الصلاة في الثوب الواحد سنة، كنا نفعله مع رسول الله ﷺ ولا يعاب علينا، فقال ابن مسعود: إنما كان ذلك إذ كان في الثياب قلة، فأما إذ وسّع الله فالصلاة في الثوبين أزكى (١).
ومن هنا وقع الخلاف في المنيّ، ففي حديث عائشة أنها كانت تفركه من ثوب رسول الله ﷺ فركًا فيصلي فيه (٢). قال الشافعية والحنابلة: ذاك دليل طهارته. وقال الحنفية: هو نجس، ويجزئ فرك يابسه.
ومثاله أيضًا: تعامل النبي ﷺ بالدنانير الذهبية، والدراهم الكسروية، وإقراره التعامل بها، مع ما عليها من صور القياصرة، ومعابد النيران. يحتمل أن

(١) أحمد في المسند ٥/ ١٤١
(٢) رواه مسلم ٣/ ١٩٦

1 / 208