152

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

Publisher

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

السادسة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم﴾ ولو كان الأمر مجرد خطأ في الاجتهاد المأذون فيه، لما استحق المجتهد العقوبة، لأن الأدلة الشرعية قد قررت أن المجتهد معذور، بل هو مثاب على اجتهاده.
ولا يعني قوله تعالى: ﴿فكلوا مما غنمتم حلالًا طيبًا﴾ نسخ آية تحريم الأسر قبل الإثخان، بل هي باقية ثابتة، تؤيّدها العلوم العسكرية، واستقراء الوقائع التاريخية المعلومة عند نشأة الدول الجديدة. ولكن الذي وقع هو تسويغ التعاقد الدولي الذي تمّ مع أهل مكة. لأن العقد على المفاداة كان قد وقع، وكان في إلغائه ضرر كبير يلحق سمعة الدولة الإسلامية، وينفِّر عنها المقبلين عليها، ويمكّن للدعاية المعادية من التأثير على أهلها (١).
وقد احتجّ مانع صدور الخطأ عنه ﷺ بأمور:
الأول: أن اجتهاد أهل الإجماع معصوم من الخطأ، فاجتهاد النبي ﷺ أولى بالعصمة من الخطأ.
وأجيب عن هذا بأن اجتهاده ﷺ أولى بالصواب من اجتهاد كل واحد من أهل الإجماع على انفراده. ذكره الرازي الجصاص (٢).
وأجيب أيضًا، بأنه لا مانع من أن تختص الأمة برتبة بسبب اتباعها لنبيها، وله ﷺ من الفضائل من النبوّة وغيرها، وأصل العصمة، ما يرجح به على الأمة. ونظّروا لذلك بالإمام الأكبر، لا يلزم أن يكون له رتبة القضاء، وإن كانت رتبة القضاء مستفادة منه، ولا يعود ذلك عليه بنقص أو انحطاط رتبة.
وإنما جاز وقوع الخطأ منه، لأجل مصلحة تشريع الاجتهاد، والتشاور،

(١) هذا المعنى الذي أخذنا به في هذه الواقعة، وجدنا الشيخ عبد الرحمن الجزيري قد أخذ به في مقال له بمجلة الأزهر مجلد سنة ١٣٥٦ ص ٦٨٠. وقال السيد رشيد رضا "توجه العتاب إليهم، بعد بيان سنة النبيين في المسألة، الدال بالإيماء على شمول الإنكار والعتاب له صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله". (تفسير النار ١٠/ ٨٦).
(٢) أصول الجصاص ٢٢٠ ب.

1 / 158