فلم يمتثلوا، حتى اشتدّ حزن النبي ﷺ لذلك، فلما أشارت عليه أم سلمة بأن يحلق دون أن يكلمهم، فحلق، سارعوا إلى الامتثال (١).
وثالثًا: أن القول يؤكد بالفعل، والتأكيد أقوى من المؤكَّد. وقد كان النبيّ ﷺ يؤكد قوله بفعله، كفسخ الحج، والطهارات.
ولكن هذا الدليل لا يثبت، إذ ليس من المسلّم أن التوكيد لا يكون إلّا أقوى من المؤكَّد، بل قد يؤكّد الشيء بأضعف منه، إذ الحاصل بالاجتماع أقوى مما يحصل بالانفراد، وذلك هو المطلوب بالتأكيد. وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في ما يأتي من هذا الفصل.
ورابعًا: أن القول يدخله احتمال المجاز والنقل، وغير ذلك. والفعل يخلو عنها (٢).
المذهب الثالث: القول بالتفصيل:
الشاطبي في الموافقات (٣) نحا منحى آخر غير ما تقدم، فهو يرى أنه لا يصح إطلاق القول بالترجيح بين البيانين. وقسّم المسألة قسمين:
القسم الأول: يستوي فيه البيانان وذلك أن يكون المأمور به فعلًا بسيطًا، أو وجد له نظير في المعتاد ولو كان مركبًا، لكونه معلومًا، فينصرف إليه اللفظ.
فالأول: كمسألة الغسل من التقاء الختانين مثلًا، فإنه لبسطاته وقلة