عندي، وهو قرير العين طيب النفس، فرجع وهو حزين النفس، فقلت له، فقال: إني دخلت الكعبة وودت أني لم أكن فعلت، إني أخشى أن أكون أتعبت أمّتي من بعدي" (١).
فإن عمل بما فيه شدة، وكان خاطئًا به، بيّن اختصاصه بذلك لئلا يقتدوا به فيه، كما فعل في الوصال في الصوم، إذ قال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مطعم يطعمني ويسقيني" (٢).
الأمر الثالث: أنه ﷺ كان في الأفعال الشرعية التي تتكرر يواظب غالبًا على فعل الشيء على أكمل الوجوه وأتمها، وذلك ليتعلم منه من لا يعلم، وليصححوا أفعالهم حسب فعله ﷺ. ومن ذلك الوضوء، كان أكثر وضوئه ثلاثًا ثلاثًا، مع الإسباغ والمبالغة. وربما توضأ مرة مرة. أو مرتين مرتين، لبيان الجواز (٣).
ومن ذلك الصلاة، يؤديها جماعة أمام الناس على أكمل الوجوه والهيئات، مع تخفيفها، لتتعلم منه كيفية الصلاة برؤيته وهو يصلي، بخلاف ما إذا صلى حيث لا يراه الناس، فقد كان يترخص فيصلي جالسًا أحيانًا، واتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه (٤).
وقد قال ابن جماعة في مثل ذلك من آداب المعلم المقتدى به: "أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام، وظواهر الأحكام، ...، ولا يرضى من أفعاله الظاهرة والباطنة بالجائز منها، بل يأخذ نفسه بأحسنها وأكملها. فإن العلماء هم القدوة، وإليهم المرجع في الأحكام، وهم حجة الله على العوّام، وقد يراقبهم من لا يعلمون" (٥).
الأمر الرابع: عنايته ﷺ بأن لا يساء فهم دلالة الفعل عنه، بأن يفهم منه