Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
وقد انفلق البحر عند انتقال موسى - عليه السلام - ببني إسرائيل إلى # الأرض المقدسة، فمروا في طريق يبس، والأمن محيط بهم من كل جانب حتى بلغوا شاطئ النجاة. ومعنى {فرقنا بكم البحر}: فصلنا بعضه عن بعض من أجلكم؛ أي: من أجل مروركم فيه، وهذا معنى قولهم: إن الباء في قوله: {بكم} للسببية.
وإذا نظرنا إلى ما جاء في آية أخرى من أن موسى - عليه السلام - ضرب البحر بعصاه فانفلق، ثم إن القوم بعد انفلاق البحر بعصا موسى توسطوه بسيرهم بين جنبيه، ومن توسط شيئا، صح أن يقال: إنه فرق بعضه عن بعض، فيقال: إن القوم فرقوا البحر، على معنى: أنهم فصلوا بعضه عن بعض بسيرهم في وسطه، ونسب الله فرق البحر بهذا المعنى إلى نفسه، فقال: {فرقنا بكم البحر}؛ ليدل على أن القوم فرقوا البحر وقطعوه وعبروه، وهو معهم برعايته وعونه، فيؤول معنى {فرقنا بكم البحر} إلى معنى قوله تعالى:
{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر} [الأعراف: 138].
{فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون}:
في الآية جملة ملاحظة في النظم استغني عن ذكرها بدلالة المعنى عليها، وتقديرها مع الملفوظ به: وإذ فرقنا بكم البحر، وتبعكم فرعون وجنوده، فأنجيناكم من الغرق، أو من إدراك فرعون وآله لكم. وذكر الله تعالى في هذه الآية إغراق آل فرعون دون فرعون، وذكر في آية أخرى إغراقه، فقال تعالى: {فأغرقناه ومن معه جميعا} [الإسراء: 103].
{وأنتم تنظرون}:
النظر: الإبصار. والمعنى: أغرقنا آل فرعون وأنتم تبصرون إهلاك عدوكم بالإغراق، وتشاهدونه بأعينكم، وهذا أدعى لليقين بهلاكه، وأبلغ # في الشماتة به.
Page 97