﴿وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾:
هذه جملة معترضة في أثناء ضرب المثل بذوي الصيّب. وإحاطته تعالى بالكافرين على معنى: أنهم لا يفوتونه كما لا يفوت المحاطُ به المحيطَ به، فهو قادر على النكال بهم متى شاء، وكيف شاء. وقال: ﴿مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾، ولم يقل محيط بهم، مع تقدم معاد الضمير، وهم أصحاب الصيّب؛ إيذانًا بأنهم إنما استحقوا ذلك العذاب بكفرهم.
﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾:
﴿يَكَادُ﴾: من الأفعال التي تدخل على اسم يسند إليه فعل بعده؛ نحو: ﴿الْبَرْقُ يَخْطَفُ﴾، فتدل على أن المسند إليه - وهو البرق - قد قارب أن يقع منه الفعل، وهو خطف الأبصار. والخطف: الأخذ بسرعة. والأبصار: جمع بصر، وهو قوة مودعة في العين يدرك بها الألوان والأشكال. والمعنى: أن البرق لشدة لمعانه يقرب من أن يخطف أبصارهم.
﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾:
هذا وصف لما يصنعه أهل الصيّب في حالتي ظهور البرق واختفائه. وأضاء: لمع. وأظلم: ذهب ضوءه. وقاموا: وقفوا وثبتوا في مكانهم؛ أي: إنهم إذا صادفوا من البرق وميضًا، انتهزوا ذلك الوميض فرصة، فخطوا خطوات يسيرة، وإذا خفي لمعانه، وقفوا في مكانهم.
﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾:
﴿شَاءَ﴾: أراد؛ أي: لو أراد الله أن يذهب بسمعهم وأبصارهم، لزاد في قصف الرعد فأصمهم، وفي ضوء البرق فأعماهم. أو يقال: إن قصف الرعد ولمع البرق المذكورَين في المثل سببان كافيان لأن يذهبا بسمع ذوي