Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Genres
وقوله تعالى: {ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض} ... إلخ الآية: استحضار لمعنى قوله تعالى قبل هذا: {إني أعلم ما لا تعلمون}، وإعادة # له على وجه من التفصيل، أفاد أن علمه يشمل ما يظهرونه بأقوالهم أو أفعالهم، وما يضمرونه في أنفسهم، وفي قوله: {ألم أقل لكم} ... إلخ: تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى؛ حيث بادروا إلى السؤال عن الحكمة، وكان الأولى بهم أن يأخذوا بالأدب المناسب لمقام الإلهية، فيدعوا السؤال عنها إلى أن يستبين لهم أمرها بوجه من وجوه العلم.
أظهر الله فضل آدم - عليه السلام - من جهة العلم أولا، ومن جهة أن علمه مستمد من تعليم الله له؛ فإن إمداد الله له بالعلم من طريق تعليمه إياه يدل على أنه محاط منه برعاية ضافية. ثم إن العلم الذي يحصل من طريق النظر والفكر قد يعتريه خلل، ويحوم عليه خطأ، فيقع صاحبه في الإفساد من حيث إنه يريد الإصلاح؛ بخلاف العلم الذي يتلقاه الإنسان من تعليم الله؛ فإنه علم مطابق للواقع لا محالة، ولا يخشى من صاحبه أن يحيد عن سبيل الإصلاح. وصاحب هذا العلم هو الذي يصلح للخلافة في الأرض، ومن هنا كانت السياسة الشرعية أرشد من كل سياسة، والأحكام النازلة من السماء أعدل من القوانين الناشئة في الأرض.
* * *
Page 66