﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾:
سبق أن اللعن من الله للعاصي أو الكافر: إبعادهُ من رحمته، ومن المخلوق؛ كالملائكة والناس للكفار والعصاة: الدعاء عليهم بالإبعاد من رحمة الله؛ كأن يقال: لعنهم الله، أو عليهم لعنةُ الله، ولا حرج في اللعن بالوصف العام؛ كان يقال: لعن الله الكافرين، أو الفاسقين، أو الظالمين، ومن المحظور لعنُ الأشخاص بأعيانهم؛ كأن يقال: لعن الله فلانًا، أو على فلان لعنة الله، إلا من ثبت موتهم على الكفر؛ لاحتمال أن يتوب أولئك الأشخاص من كفرهم أو فسقهم، فيستحقوا القرب من رحمة الله، لا الإبعادَ منها، وقد يطلق اللعن بمعنى: السبِّ؛ أي: ذكر المعايب.
وما يروى من أن بعض الصحابة كان يُلعن في عهد بعض الأمويين على المنابر، إنما يريدون من اللعن - إن صحت الرواية - ذكر أشياء ينسبونها إليه على أنها معايب له. والمراد من الناس: من يستقبحون الكفر، وهم المؤمنون، وكل مؤمن يلعن الذين ماتوا وهم كفار بلسانه أو بقلبه.
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾:
الخلود: البقاء إلى غير نهاية، ويستعمل بمعنى: البقاء مدة طويلة، وإذا وصف به عذاب الكافر، فإنما يراد المعنى الأول. والظاهر: أن الضمير في قوله: ﴿فِيهَا﴾ عائد إلى اللعنة؛ لأنها المذكورة في الجملة، والخلود في اللعنة يقتضي الخلود في النار. ومن هنا جعل بعض المفسرين الضمير عائدًا إلى النار المفهومة من معنى الجملة.
﴿لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ﴾:
دل قوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ على كثرة مدة العذاب، ودلت هذه الجملة