التزكية على معنى: التطهير من كل ما لا يليق التلبس به باطنًا أو ظاهرًا.
والآيات ظاهرة في أن الدعاء من قوله: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾ إلى قوله: ﴿وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا﴾ صادر من إبراهيم وإسماعيل ﵉، ولم يجئ رسول تنطبق عليه الصفات الواردة في الدعاء إلا نبينا محمد ﷺ، فتعين أن يكون هو الرسول الذي طلبا إرساله في ذريتهما.
وقد استوفت الآيات الواردة في صفات الرسول منابع الدين أصولًا وفروعًا، فكل رأي في الدين لا يستند إلى ما كان النبي ﷺ يتلوه من الآيات، ويعلمه من الكتاب والسنة، أو من الأصول المستمدة منهما على وجه معقول، فهو ردٌّ على صاحبه.
﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾:
﴿الْعَزِيزُ﴾: القادر الذي لا يُغلَب على أمر. و﴿الْحَكِيمُ﴾: العالم الذي يدبر الأمور على وفق المصلحة، ومن كان قادرًا على كل ما أراد، عالمًا بوجوه المصالح، كانت استجابته قريبة من دعاء الخير الصادر عن إخلاص وابتهال.
﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾:
يقال: رغب في كذا: إذا أراده، واتجهت نفسه إليه، ورغب عنه: إذا كرهه، وانصرفت نفسه عنه. والملة في الأصل: الطريقة، وغلب إطلاقها على أصول الدين من حيث إن صاحبها يصل بها إلى دار السلام والكرامة عند الله. ﴿سَفِهَ نَفْسَهُ﴾: استخفها وامتهنها. والجملة واردة مورد التوبيخ للكافرين الذين أحدثوا الشرك المخالف لما دعا إليه إبراهيم ﵇ من التوحيد. والمعنى: لا يكره ملة إبراهيم وينصرف عنها إلى الشرك بالله