234

Mawsūʿat al-aʿmāl al-kāmila liʾl-Imām Muḥammad al-Khaḍr Ḥusayn

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Editor

علي الرضا الحسيني

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1431 AH

Publisher Location

سوريا

Genres

﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾:
معنى هذا: أن ودادتهم لكفركم بداعي الحسد وقعت بعد أن تبين لهم الحق، وهو صدق دعوة الإسلام؛ بما عرفوه من معجزات النبي ﷺ، وما عاينوه في التوراة من النعوت المطابقة لما هو عليه، فكفْر هؤلاء كان على سبيل العناد، والجمود على الباطل، لا عن جهالة بصدق النبوة المحمدية. ويؤخذ من هذا: أن المراد بقوله: ﴿كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾: اليهود الذين لهم علم بما في التوراة، واطلاع على سيرة النبي ﷺ، وذلك شأن أحبارهم.
﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾:
بعد أن حذّر المسلمين من مكر يكنه كثير من أهل الكتاب في أنفسهم، وهو تمنيهم تصيير المسلمين كفارًا، أمر المسلمين بموادعتهم، والصفح عنهم إلى حين، فقال تعالى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ...﴾ إلخ.
والعفو: ترك المؤاخذة على الذنب. والصفح: ترك التأنيب عنه، مأخوذ من الإعراض بصفحة العنق. والأمر في قوله تعالى: ﴿بِأَمْرِهِ﴾: الإذن للمسلمين بالقتال عندما يكون لهم قوة يتمكنون بها من جهاد عدوهم. ومعنى الجملة: قابلوا أولئك اليهود بوجه العفو؛ بأن لا تتعرضوا لمجازاتهم على ما يظهر من آثار ذلك التمني والحسد في قول أو فعل، وأظهِروا أنكم لم تطلعوا على شيء من مكرهم حتى يأذن الله لكم بقتالهم، ودفعِ شرهم بقوة السلاح. وسمى ترك عقوبة المسلمين للكافرين عفوًا، مع ضعف المسلمين، وما كان للكفار وقتئذ من شوكة، والعفو إنما يكون عند القدرة؛ للتنبيه على أن أصحاب الحق الذين هم تحت رعاية الله وتأييده

1 / 200