221

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Genres

ووجه إيراد هذه القصة عقب ما قصه عن بني إسرائيل والمشركين: أن كلا من الفريقين ينتمي إلى إبراهيم، ويقر بفضله، وقد ورد فيما حكاه الله عنه ما يقتضي قبولهم لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ودخولهم في دينه القويم.

والابتلاء في أصله: الاختبار والامتحان، وهو بهذا المعنى محال على علام الغيوب، فالمراد منه هنا: التكليف حتى يحسن القيام بما كلف به، فيكون ما يناله من الجزاء كأنه جاءه على سبيل الاستحقاق. وقال: {ربه}؛ ليشعر التالي أو السامع بأنه ابتلاه بما ابتلاه به تربية له، وتقوية لعزمه حتى يستطيع النهوض بعظائم الأمور.

والكلمات: جمع كلمة، وهي في الأصل: اللفظ المفرد، وتطلق بمعنى الكلام، كما تطلق على نفس المعاني التي تفهم من الألفاظ؛ نحو: الحكم، والإذن، والأمر والنهي، فالكلمات في الآية يصح أن تفسر بالأوامر التي كلف الله بها إبراهيم - عليه السلام -، وأتى بها على أتم وجه. والقرآن أجمل في ذكر الكلمات، ولم يرد في تعيينها حديث يجب الوقوف عنده، ولكن تسمية التكليف بها ابتلاء، وذكر إتمام إبراهيم لها على وجه الثناء، ينبئ بأنها من الأعمال التي لا ينهض بها إلا ذو عزم يتلقى أوامر ربه بحسن الطاعة.

{قال إني جاعلك للناس إماما}:

Page 225