205

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Investigator

علي الرضا الحسيني

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1431 AH

Publisher Location

سوريا

Genres

قبولها بأن رفعنا فوقكم الطور، وقلنا لكم: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾؛ أي: بجد وحزم.
﴿وَاسْمَعُوا﴾:
ليس معنى السمع هنا إدراك القول فقط، بل المراد: سماع ما أمروا به في التوراة سمع تدبر وطاعة والتزام، فهو مؤكد ومقرر لقوله تعالى: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾.
﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾:
هذا جواب منهم لقوله تعالى: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا﴾. والمعنى: سمعنا قولك: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا﴾، وعصينا أمرك. فيكون جوابهم هذا مبالغة منهم في التعنت والعصيان. هذا ما يقوله جمهور المفسرين؛ أخذًا بالظاهر من معنى ﴿قَالُوا﴾. وذهب بعضهم إلى أنهم قالوا: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ بلسان الحال، لا أنهم نطقوا بذلك، وإنما هو عبارة عن عدم قبولهم لما أمروا به، وقد يعبر بالقول مسندًا إلى الشيء حيث يفهم من حاله معنى كما يفهم من اللفظ الصريح؛ كما قال تعالى: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١].
﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾:
هذا معطوف على قوله تعالى: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾. والإشراب: السقي، وهو إيصال مائع إلى الجوف من طريق الفم، واستعمل على وجه التجوز في خلط لون بلون؛ كأن أحد اللونين سقى الآخر، فقالوا: بياض مشرَب بحمرة، وقالوا: أشرب قلبه حبّ كذا: إذا خالط حبه قلبه:
إذا ما القلبُ أُشرب حبَّ شيءٍ ... فلا تأمل له الدهرَ انصرافا

1 / 171