169

Acmal Kamila

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Genres

قل يا محمد لهؤلاء اليهود: بئس الشيء الذي يدعوكم إليه إيمانكم قتل الأنبياء، والعصيان، وعبادة العجل، إن كنتم مصدقين كما زعمتم بالتوراة، والواقع أن التوراة لا تسيغ شيئا مما أتيتم به، فما أنتم بمؤمنين.

{قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين}:

زعم اليهود أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا؛ كما حكى الله عنهم ذلك في قوله: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا} [البقرة: 111] فأمر الله نبيه - عليه الصلاة والسلام - بأن يرد عليهم هذا الزعم الباطل، فقال: {قل إن كانت لكم ... إلخ}.

و {الدار الآخرة}: الجنة كما قال تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} [القصص: 83]. و {عند الله} بمعنى: في حكم الله؛ كما تقول: زيد عندي أفضل من عمرو؛ أي: في حكمي. و {خالصة}: مختصة. والتمني يستعمل في المعنى القائم بالقلب، ويستعمل في اللفظ الدال على ذلك المعنى؛ كأن يقول الإنسان بلسانه: ليت لي كذا. وبهذا يفسر قوله تعالى: {فتمنوا الموت}؛ لأن المعنى القائم بالقلب لا يطلع عليه أحد، ومحال أن يقع التحدي بما في الضمائر والقلوب. ومعنى الآية: قل يا محمد لليهود: إن كانت الجنة مختصة بكم، وليس لأحد سواكم فيها حق، فتمنوا الموت بألسنتكم.

{ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم}:

Page 173